في تخرّج طلاب المعهد العالي للفنون المسرحيّة - قسم التمثيل تلفزة المسرح.. لماذا؟

منذ تأسيسه، والمعهد العالي للفنون المسرحيّة يرفد المشهد الثقافيّ بطاقاتٍ إبداعيّة كبيرة، وفي شتى المجالات، بدءاً من الموسيقا والباليه، فالتمثيل والعلوم المسرحيّة (النقد المسرحي)، وانتهاءً بالسينوغرافيا المسرحيّة التي بدأ العمل في تدريسها منذ بضع سنوات.
وسنويّاً، يتخرَّج طلاب السنة الرابعة في كلِّ قسم من أقسام المعهد بكمٍّ معرفيٍّ ضروريّ، يُظهرونه من خلال مشروع تخرّجهم.
ومؤخراً، بدأ عرض تخرّج طلاب السنة الرابعة لهذا العام، على خشبة المسرح الإيطاليّ في المعهد.

تمّ تقسيم الطلاب إلى ثنائيّات، على أن يعمل كلّ ثنائيّ منهم على نصٍّ مسرحيّ قصير، وبهذا كان العرض عبارة عن مجموعة من «السكيتشات»- إن صحَّت التسميّة- وتمّ الفصل بينها بمشهد فيديو، يظهر من خلاله كلّ ثنائيّ في مشهدٍ يعبّر عنهما بالطريقة التي يرونها مناسبة. وقد أشرف على دفعة الخريجين هذه الممثل والمخرج المسرحيّ، سامر عمران. ولا بدّ من القول، إنَّ الشباب الخريجين عملوا بجهدٍ ومثابرة على إنجاز مشروع تخرُّجهم، قبل الخوض في غمار مهنتهم بعيداً عن المعهد، وفي مجالاتٍ لاتقارب المسرح في متعته.
وربما تكمن المشكلة في هذه النقطة بالذات..
ففي عرض التخرّج، بدا المسرح متلفزاً بطريقةٍ أو بأخرى، بدءاً من السينوغرافيا، التي رغم حضورها القويّ، إلا أنّها حدّدت الممثلين في مساحةٍ ضيّقةٍ جداً، فلا حركة حقيقيّة على الخشبة، في أداءٍ يشبه الأداء التلفزيونيّ الذي يحاول دوماً مقاربة الواقع.
إنّ هذه المدرسة في المسرح موجودة بالفعل، وقد سنحت الفرصة للجمهور في متابعة عرض من هذا النوع لـ«بيتر بروك» تمّ تقديمه في العام 2008، ولكنّ هذا الأداء فيه من الصعوبة بحيث يحتاج إلى ممثلين خبيرين، فالحدّ بين ظهوره أداءً مسرحيّاً متميّزاً أو أداءً تلفزيونيّاً لا يليق بالمسرح، هو شعرةٌ.
ساد العروض بالمجمل ثباتٌ وجمود، لا لناحية الحركة فقط، وإنما لناحية الإحساس والقدرة على نقله إلى الجمهور، فالأداء ذو الإيقاع الرتيب كان السائد على جميع المشاهد، واعتماد الممثلين الأسلوب الخطابيّ ذاته رغم اختلاف المشاهد والحالات، أوقع العرض الذي يفترض أن يكون رشيقاً كونه مجموعة من المشاهد، في حالةٍ من البطء.
أضف إلى ذلك، الطريقة التي تمّ التعامل من خلالها مع النصّ، فالنصوص القصيرة التي تمّ تقديمها تحمل في أساسها حسّاً كوميدياً، تمّ إغفاله لسببٍ ما.. ربما.
وبشكلٍ عام، بدت خشبة المسرح مسطّحة، فلا استغلال لأبعاده ولا لعمقه.
ومن هنا، ينبع سؤال غاية في الأهميّة: هل بات المعهد العالي للفنون المسرحيّة يعدّ الممثلين على أساس اشتغالهم في التلفزيون مستقبلاً؟
نرجو أن يكون الجواب، لا..