عمل معي أحد الممثّلين وكان يتباهى بأنّه لم يفتح في حياته جريدة إلاّ لحلّ الكلمات المتقاطعة..! ولم يمسك بين يديه كتاباً إلاّ إذا كان "مقرّراً" لتقديم الفحص في المعهد الذي تخرّج منه وعاد إليه معيداً في انتظار فرصة يجود بها مخرج تلفزيوني.
التقيته منذ فترة في أحد الفنادق بعد حالة الازدهار التلفزيوني والكساد المسرحي فوجدته يختفي وراء نظّارات سوداء, يبتسم للمعجبين والمعجبات من خلف "البلّور", يوقّع الأوتوغرافات بين الفينة والأخرى.. ويفتح جريدة للبحث عن صورته فيها.
سألته إن كان مازال يكره القراءة كعادته "الحميدة" فأجاب ممازحا بسماجة واضحة: "لا والله,هلّق كنت عم بقرأ بعض السيناريوهات المعروضة عليّ.. و"كتاب استثناء" من أحد المسؤولين قصد(تفييم)السيارة", ثمّ سألني -وباسمي الأوّل على غير عهدي به: "هل مازلت مصابا بلوثة المسرح والكتابة والقراءة يا فلان"؟
فكّرت في الردّ على طريقتي التي يتذكّرها جيّدا, لكنّي تريّثت بعد أن طرق جماعة من "السيّاح العرب" على كتفي وناولوني آلة تصوير بقصد التقاط صورة لهم مع نجمنا العتيد.
انتهى الأمر بسلام ومضيت أسأل نفسي: كيف أصبح هؤلاء الجهلة نجوماً في سمائنا العربيّة, من جعلهم كذلك؟ كيف أصبح التلفزيون منافساً بل ومتفوّقاً على أرقى الفنون, لماذا يحظى هؤلاء بالامتيازات والاستثناءات لدى أهل المال والسطوة والنفوذ, لماذا الهوس بأصحاب الوجوه المعروفة من الممثّلين والمغنّين والمذيعين.. حتى أنّي اندهشت لبعض الأقلام المحترمة ورجال الفكر والأدب وهم يحاولون التقرّب من نجوم التلفزيون..!
الأنكى من ذلك كلّه أنّ بعض المنابر الإعلاميّة تدفع بالتي هي أحسن وأفضل وأوفر من العملات للممثّل إن كتب بعض السطور على صفحاتها أكثر من الكاتب المحترف.. ما عقدة النقص هذه!.. لماذا يعامل الكاتب إن أراد التمثيل معاملة الكومبارس, بينما يعامل النجم التلفزيوني في الاستكتابات الصحفيّة معاملة الحاصل على جائزة نوبل؟!
لن ألوم الممثّلين الذين يريدون أن يحقّقوا طموحاً الكاتب في داخلهم "هذا أمر مشروع ومحاولة يحترمون عليها", لكنّي ألوم الكتّاّب الذين لديهم عقدة الظهور الإعلامي.
أن يعرف الناس اسمك قبل أن يعرفوا وجهك, هذا أمر في صالحك, ذلك أنّه يتيح لك التحدّث والتعرّف والمغازلة والمخاصمة في الطريق دون رقيب, أمّا إذا كنت تضع نظّارات سوداء وتركب سيّارة "مفيّمة" وتبتسم للفراغ والعدسات وتنتقي كلمات اللطف أمام غلاظ المعجبين فتأكّد أنّك سوف تعيش في جحيم دائم.
من لا يعرف منّا الطرفة أو الحادثة المصريّة المعروفة حين التقت عند الإشارة الحمراء سيارة نجيب محفوظ السلحفاة المبنشرة (قبل نوبل) بسيّارة فيفي عبدو الفخمة, أنزلت فيفي بلّور سيّارتها (الفيمي) وقالت لنجيب:
- بصّ الأدب عمل فيك إزّاي يا نجيب..!
ردّ صاحب "بين القصرين" على صاحبة "رقّصني يا هوي" : بصّي قلّة الأدب عملتلك فيك إزّاي يا أستاذة فيفي.
مضت فيفي متجاوزة الإشارة الحمراء ولم تخالفها شرطة المرور.
ربّما حصلت فيفي بأردافها ما لم يحصل عليه نجيب محفوظ هو وقلمه, حتّى بعد نوبل.. وهذا من حقّها ,اللهمّ لا حسد ولا شماتة, لكنّ المعضلة في المعجبين والمقبلين والمتفرّجين وطالبي الصور والأوتوغرافات.. لن نقول "حلال ع الشاطر" كما تقول العامّة والدهماء.. بل نقول: حرام ع مواهب وأقلام وقامات, تنسى في الزحام وتحت الأقدام وفي غفلة من العقول والعيون والآذان قبل العدسات والميكروفونات والألبومات.
شخصيّا لا أشاهد التلفزيون إلاّ فيما ندر.. لذلك أجهل معرفة نجومه, ما عدا المبدعين منهم.. وهم الذين يقرؤون ويتابعون, ويعترفون أنّ فنّ التمثيل لا يرتقي إلاّ إذا كان تابعاً ومتابعاً للفنون الأخرى.
• كلمة ع الساكت: نسيت أن أخبركم بأنّي عندما كنت ألتقط صوراً لنجمنا السابق مع السيّاح العرب, قد أخرجته من الكادر –دون علم منه- والتقطت صوراً لأشخاص من خلف زجاج الفندق المكيّف.. لأطفال تعساء ومشرّدين وماسحي أحذية.. وأناس لوّحت الشمس جلودهم وقلوبهم.
حكيم مرزوقي
التقيته منذ فترة في أحد الفنادق بعد حالة الازدهار التلفزيوني والكساد المسرحي فوجدته يختفي وراء نظّارات سوداء, يبتسم للمعجبين والمعجبات من خلف "البلّور", يوقّع الأوتوغرافات بين الفينة والأخرى.. ويفتح جريدة للبحث عن صورته فيها.
سألته إن كان مازال يكره القراءة كعادته "الحميدة" فأجاب ممازحا بسماجة واضحة: "لا والله,هلّق كنت عم بقرأ بعض السيناريوهات المعروضة عليّ.. و"كتاب استثناء" من أحد المسؤولين قصد(تفييم)السيارة", ثمّ سألني -وباسمي الأوّل على غير عهدي به: "هل مازلت مصابا بلوثة المسرح والكتابة والقراءة يا فلان"؟
فكّرت في الردّ على طريقتي التي يتذكّرها جيّدا, لكنّي تريّثت بعد أن طرق جماعة من "السيّاح العرب" على كتفي وناولوني آلة تصوير بقصد التقاط صورة لهم مع نجمنا العتيد.
انتهى الأمر بسلام ومضيت أسأل نفسي: كيف أصبح هؤلاء الجهلة نجوماً في سمائنا العربيّة, من جعلهم كذلك؟ كيف أصبح التلفزيون منافساً بل ومتفوّقاً على أرقى الفنون, لماذا يحظى هؤلاء بالامتيازات والاستثناءات لدى أهل المال والسطوة والنفوذ, لماذا الهوس بأصحاب الوجوه المعروفة من الممثّلين والمغنّين والمذيعين.. حتى أنّي اندهشت لبعض الأقلام المحترمة ورجال الفكر والأدب وهم يحاولون التقرّب من نجوم التلفزيون..!
الأنكى من ذلك كلّه أنّ بعض المنابر الإعلاميّة تدفع بالتي هي أحسن وأفضل وأوفر من العملات للممثّل إن كتب بعض السطور على صفحاتها أكثر من الكاتب المحترف.. ما عقدة النقص هذه!.. لماذا يعامل الكاتب إن أراد التمثيل معاملة الكومبارس, بينما يعامل النجم التلفزيوني في الاستكتابات الصحفيّة معاملة الحاصل على جائزة نوبل؟!
لن ألوم الممثّلين الذين يريدون أن يحقّقوا طموحاً الكاتب في داخلهم "هذا أمر مشروع ومحاولة يحترمون عليها", لكنّي ألوم الكتّاّب الذين لديهم عقدة الظهور الإعلامي.
أن يعرف الناس اسمك قبل أن يعرفوا وجهك, هذا أمر في صالحك, ذلك أنّه يتيح لك التحدّث والتعرّف والمغازلة والمخاصمة في الطريق دون رقيب, أمّا إذا كنت تضع نظّارات سوداء وتركب سيّارة "مفيّمة" وتبتسم للفراغ والعدسات وتنتقي كلمات اللطف أمام غلاظ المعجبين فتأكّد أنّك سوف تعيش في جحيم دائم.
من لا يعرف منّا الطرفة أو الحادثة المصريّة المعروفة حين التقت عند الإشارة الحمراء سيارة نجيب محفوظ السلحفاة المبنشرة (قبل نوبل) بسيّارة فيفي عبدو الفخمة, أنزلت فيفي بلّور سيّارتها (الفيمي) وقالت لنجيب:
- بصّ الأدب عمل فيك إزّاي يا نجيب..!
ردّ صاحب "بين القصرين" على صاحبة "رقّصني يا هوي" : بصّي قلّة الأدب عملتلك فيك إزّاي يا أستاذة فيفي.
مضت فيفي متجاوزة الإشارة الحمراء ولم تخالفها شرطة المرور.
ربّما حصلت فيفي بأردافها ما لم يحصل عليه نجيب محفوظ هو وقلمه, حتّى بعد نوبل.. وهذا من حقّها ,اللهمّ لا حسد ولا شماتة, لكنّ المعضلة في المعجبين والمقبلين والمتفرّجين وطالبي الصور والأوتوغرافات.. لن نقول "حلال ع الشاطر" كما تقول العامّة والدهماء.. بل نقول: حرام ع مواهب وأقلام وقامات, تنسى في الزحام وتحت الأقدام وفي غفلة من العقول والعيون والآذان قبل العدسات والميكروفونات والألبومات.
شخصيّا لا أشاهد التلفزيون إلاّ فيما ندر.. لذلك أجهل معرفة نجومه, ما عدا المبدعين منهم.. وهم الذين يقرؤون ويتابعون, ويعترفون أنّ فنّ التمثيل لا يرتقي إلاّ إذا كان تابعاً ومتابعاً للفنون الأخرى.
• كلمة ع الساكت: نسيت أن أخبركم بأنّي عندما كنت ألتقط صوراً لنجمنا السابق مع السيّاح العرب, قد أخرجته من الكادر –دون علم منه- والتقطت صوراً لأشخاص من خلف زجاج الفندق المكيّف.. لأطفال تعساء ومشرّدين وماسحي أحذية.. وأناس لوّحت الشمس جلودهم وقلوبهم.
حكيم مرزوقي
الإثنين أبريل 01, 2013 8:40 am من طرف غزوان قهوجي
» غزوان قهوجي
الإثنين أبريل 01, 2013 8:36 am من طرف غزوان قهوجي
» مختبر فضا المسرحي
الأربعاء فبراير 13, 2013 8:44 am من طرف غزوان قهوجي
» مهرجان لمسرح الشباب العربي في بغداد
الجمعة نوفمبر 23, 2012 4:07 am من طرف غزوان قهوجي
» مهيمنات ( السلطة ) وتنويعاتها الإسلوبية في بعض عروض مهرجان بغداد لمسرح الشباب العربي
الجمعة نوفمبر 23, 2012 4:02 am من طرف غزوان قهوجي
» مقالة جميلة عن مولانا
الجمعة نوفمبر 23, 2012 3:50 am من طرف غزوان قهوجي
» خبر عن مشاركة الفرقة في مهرجان بغداد
الجمعة نوفمبر 23, 2012 3:39 am من طرف غزوان قهوجي
» أم سامي
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:10 pm من طرف همسة حب
» حدث في سوريا : دعوى قضائية شد الله !!!!!
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:06 pm من طرف همسة حب
» حكايا طريفة
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:01 pm من طرف همسة حب
» السر بشهر العسل
الإثنين نوفمبر 12, 2012 6:56 pm من طرف همسة حب
» عندما يتفلسف الحمار
الإثنين نوفمبر 12, 2012 6:53 pm من طرف همسة حب
» حكمة : كن نذلا تعيش ملكاً ........!!!
الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 2:44 am من طرف همسة حب
» فــوائـد الـزوجــة الـنـكـديــة
الإثنين نوفمبر 05, 2012 5:21 am من طرف همسة حب
» شو كان لازم يعمل ؟
الإثنين نوفمبر 05, 2012 5:18 am من طرف همسة حب