منقول
يوم يكون الحديث عن علاقة الفن التشكيلي بالمسرح، نتجه ودون دراية منا إلى السينوغرافيا، التي تشكل فضاء المسرح، ثم نبحر عبر الأزمنة وإمكانية تطور المنظر المسرحي بدا من اليونان وانتهاء بيومنا هذا، مرورا بكل المدارس في العصر الحديث وجل التحولات في الراهن الذي تداخلت فيه المدارس والرؤى، واندرج اغلبها تحت يافطة التجريب أو الحداثة وما بعد الحداثة إلا أنني سأقف قليلا عن الصورة التشكيلية في النص وبالتالي في العرض المسرحي، عبر المفردة اللغوية التي تشكل المنظر في مخيلة المتلقي بعد أن كان وما يزال، تنفق الميزانيات على هندسة الديكور وإقناع المتفرج بأنه داخل القصر أو في بيت ريفي أو حقل أو مزرعة.
لقد تدخلت الملتيميديا وخلقت أجواء سحرية وبديلة باستعمال الإضاءة والأشعة الملونة عوضا عن المواد المستعملة سابقا كالخشب والقماش والألوان الزيتية وما يحيط ببناء المنظر من فسيفساء أخرى، ويمكننا القول بان سلطة الفن التشكيلي تبقى مهيمنة طالما هناك عنصر الإدهاش وغريزة حب الجمال المدرك الحسي والعقلي.
يبقى المتلقي بحاجة دائمة إلى إبهار ومن ثم يسمح لك باقتياده إلى دهاليزك الفكرية والمنهجية، أي أننا نخلق بيئة عبر الفن التشكيلي أو بناء المشهد المفترض الذي يصنعه الممثل المحترف أو ما اسميه بالساحر الذي وبخفة روحه وعقله ورشاقة حركته يستطيع إقناعنا بتنقلاته من مربع إلى آخر من ساحة حرب إلى حديقة عامة ويشعرنا برائحة البارود وبعطر الزهور إن توفر مثل هكذا ممثل يكون مؤثثا سينوغرافيا ليس على خشبة المسرح بل على خارطة العقل الجمعي للمتلقين.
لقد تطور التشكيل في العرض المسرحي وفق التطور الحضاري والرؤيا المرهونة بالحاضر والمستقبل والمشتبكة مع المعتقد الديني والموروث الشعبي والعادات والتقاليد، وجل هذه الكتل الفكرية رمت ثقلها ككتل على خشبة المسرح، ويمكننا استشفاف ما ورد عبر جميع نصوص كتاب المسرح والوقوف عند مداخلهم في وصف المنظر كمخطط يسند لا حقا إلى مصمم السينوغرافيا أو الفنان التشكيلي ليبث الروح فيه فإذا طالعنا نصوص لوب دوفيغا على سبيل المثال لوجدنا وصفه للمنظر يتجاوز الثلاث صفحات والشيء ذاته بين الفصول، في حين نجد المنظر لا يتعدى بضعة اسطر عند يونسكو أو بيكت والأسباب كثر.
ولا ننسى الحروب التي حولت المشهد الكوني الجميل المبهر إلى ركام ونفايات وبقايا قصور ومنازل مهدمة وشوارع خربة وحدائق محترقة، وكل هذا القلق الجمالي جعل الحرب تفرض سلطتها في بناء الهيكل. هنا صارت الفرصة أوسع في إبرام العقد بين صانعوا العرض والمتلقي على الكيفية في صناعة السينوغرافيا، فإننا لم نعد بحاجة إلى بناء هيروشيما قبل القصف وبعده، بل يمكننا وبالإيحاء نشيّد هندسة المناظر الجميلة والخربة عند المتلقي إذا اتسع افقه إلى ذلك مع الممثل الساحر الذي ورد ذكره.
إذا العلاقة جدا وثيقة بين خيال المبدع وواقع المتلقي، وهي ذلك الجسر الوهمي الذي يرتضي به الاثنين، على أن ما يجري بينهما محض وهم جميل، ولان الكل المبدع فنانا تشكيليا أو مسرحيا والجمهور يحققون السعادة والرقي الإنساني عبر منظومة الجمال، وبالجمال وحده يمكننا أن نكون إنسانيين والوصول إلى مدينة أفلاطون التي يتجول بها إنسان نيتشة المسمى بالسوبرمان والجمال هنا ليس الذي تراه العين، بل الذي تدركه البصيرة والفن الحقيقي مدخله العين ومعمليته البصيرة لينتج لاحقا تحلقا ببناء المنظر السينوغراي الأول والأجمل، وهذا هو المبتغى ولزاما أن تكون للفنان التشكيلي الذي يروم الاشتغال في حقل المسرح، دراية في سحر الخشبة ومعرفة الزمن الثابت والمتحرك في كلا الفنين، وينطبق الأمر ذاته على الفنان المسرحي والذي قد اطلع على هندسة الديكور أكاديميا والمناهج والمدارس الأخرى التي تهتم بالمنظر بشكل عام إن كان على خشبة المسرح أو داخل إطار ومعلقا على جدار إن وجود فنان تشكيلي مرهف الحس ذا بصيرة ثاقبة وخيال جامح إلى جانب مخرج يحمل الصفات ذاتها يقينا سيصنعا عرضا مسرحيا ناجحا وناجعا حتى ولو غابت عنه العديد من العناصر الأخرى، وهذا ما يحدث في الألفية الثالثة وبما يسمى بكتابة العرض.
وأنني على قناعة تامة بضرورة بناء السينوغرافيا أولا ومن ثم نترك الفكرة تنمو بين أحضان زوايا المنظور الذي أتمنى أن يفكر به صاحب السينوغرافيا باستغلال جميع زوايا الفضاء المسرحي لكي يستفز المخرج ومن ثم كلاهما يصلا إلى روح وعمق الفكر المجدد الحضاري الذي يتبناه الفن الأصيل الهادف إلى دفع عجلة الحضارة إلى أمام.
يوم يكون الحديث عن علاقة الفن التشكيلي بالمسرح، نتجه ودون دراية منا إلى السينوغرافيا، التي تشكل فضاء المسرح، ثم نبحر عبر الأزمنة وإمكانية تطور المنظر المسرحي بدا من اليونان وانتهاء بيومنا هذا، مرورا بكل المدارس في العصر الحديث وجل التحولات في الراهن الذي تداخلت فيه المدارس والرؤى، واندرج اغلبها تحت يافطة التجريب أو الحداثة وما بعد الحداثة إلا أنني سأقف قليلا عن الصورة التشكيلية في النص وبالتالي في العرض المسرحي، عبر المفردة اللغوية التي تشكل المنظر في مخيلة المتلقي بعد أن كان وما يزال، تنفق الميزانيات على هندسة الديكور وإقناع المتفرج بأنه داخل القصر أو في بيت ريفي أو حقل أو مزرعة.
لقد تدخلت الملتيميديا وخلقت أجواء سحرية وبديلة باستعمال الإضاءة والأشعة الملونة عوضا عن المواد المستعملة سابقا كالخشب والقماش والألوان الزيتية وما يحيط ببناء المنظر من فسيفساء أخرى، ويمكننا القول بان سلطة الفن التشكيلي تبقى مهيمنة طالما هناك عنصر الإدهاش وغريزة حب الجمال المدرك الحسي والعقلي.
يبقى المتلقي بحاجة دائمة إلى إبهار ومن ثم يسمح لك باقتياده إلى دهاليزك الفكرية والمنهجية، أي أننا نخلق بيئة عبر الفن التشكيلي أو بناء المشهد المفترض الذي يصنعه الممثل المحترف أو ما اسميه بالساحر الذي وبخفة روحه وعقله ورشاقة حركته يستطيع إقناعنا بتنقلاته من مربع إلى آخر من ساحة حرب إلى حديقة عامة ويشعرنا برائحة البارود وبعطر الزهور إن توفر مثل هكذا ممثل يكون مؤثثا سينوغرافيا ليس على خشبة المسرح بل على خارطة العقل الجمعي للمتلقين.
لقد تطور التشكيل في العرض المسرحي وفق التطور الحضاري والرؤيا المرهونة بالحاضر والمستقبل والمشتبكة مع المعتقد الديني والموروث الشعبي والعادات والتقاليد، وجل هذه الكتل الفكرية رمت ثقلها ككتل على خشبة المسرح، ويمكننا استشفاف ما ورد عبر جميع نصوص كتاب المسرح والوقوف عند مداخلهم في وصف المنظر كمخطط يسند لا حقا إلى مصمم السينوغرافيا أو الفنان التشكيلي ليبث الروح فيه فإذا طالعنا نصوص لوب دوفيغا على سبيل المثال لوجدنا وصفه للمنظر يتجاوز الثلاث صفحات والشيء ذاته بين الفصول، في حين نجد المنظر لا يتعدى بضعة اسطر عند يونسكو أو بيكت والأسباب كثر.
ولا ننسى الحروب التي حولت المشهد الكوني الجميل المبهر إلى ركام ونفايات وبقايا قصور ومنازل مهدمة وشوارع خربة وحدائق محترقة، وكل هذا القلق الجمالي جعل الحرب تفرض سلطتها في بناء الهيكل. هنا صارت الفرصة أوسع في إبرام العقد بين صانعوا العرض والمتلقي على الكيفية في صناعة السينوغرافيا، فإننا لم نعد بحاجة إلى بناء هيروشيما قبل القصف وبعده، بل يمكننا وبالإيحاء نشيّد هندسة المناظر الجميلة والخربة عند المتلقي إذا اتسع افقه إلى ذلك مع الممثل الساحر الذي ورد ذكره.
إذا العلاقة جدا وثيقة بين خيال المبدع وواقع المتلقي، وهي ذلك الجسر الوهمي الذي يرتضي به الاثنين، على أن ما يجري بينهما محض وهم جميل، ولان الكل المبدع فنانا تشكيليا أو مسرحيا والجمهور يحققون السعادة والرقي الإنساني عبر منظومة الجمال، وبالجمال وحده يمكننا أن نكون إنسانيين والوصول إلى مدينة أفلاطون التي يتجول بها إنسان نيتشة المسمى بالسوبرمان والجمال هنا ليس الذي تراه العين، بل الذي تدركه البصيرة والفن الحقيقي مدخله العين ومعمليته البصيرة لينتج لاحقا تحلقا ببناء المنظر السينوغراي الأول والأجمل، وهذا هو المبتغى ولزاما أن تكون للفنان التشكيلي الذي يروم الاشتغال في حقل المسرح، دراية في سحر الخشبة ومعرفة الزمن الثابت والمتحرك في كلا الفنين، وينطبق الأمر ذاته على الفنان المسرحي والذي قد اطلع على هندسة الديكور أكاديميا والمناهج والمدارس الأخرى التي تهتم بالمنظر بشكل عام إن كان على خشبة المسرح أو داخل إطار ومعلقا على جدار إن وجود فنان تشكيلي مرهف الحس ذا بصيرة ثاقبة وخيال جامح إلى جانب مخرج يحمل الصفات ذاتها يقينا سيصنعا عرضا مسرحيا ناجحا وناجعا حتى ولو غابت عنه العديد من العناصر الأخرى، وهذا ما يحدث في الألفية الثالثة وبما يسمى بكتابة العرض.
وأنني على قناعة تامة بضرورة بناء السينوغرافيا أولا ومن ثم نترك الفكرة تنمو بين أحضان زوايا المنظور الذي أتمنى أن يفكر به صاحب السينوغرافيا باستغلال جميع زوايا الفضاء المسرحي لكي يستفز المخرج ومن ثم كلاهما يصلا إلى روح وعمق الفكر المجدد الحضاري الذي يتبناه الفن الأصيل الهادف إلى دفع عجلة الحضارة إلى أمام.
الإثنين أبريل 01, 2013 8:40 am من طرف غزوان قهوجي
» غزوان قهوجي
الإثنين أبريل 01, 2013 8:36 am من طرف غزوان قهوجي
» مختبر فضا المسرحي
الأربعاء فبراير 13, 2013 8:44 am من طرف غزوان قهوجي
» مهرجان لمسرح الشباب العربي في بغداد
الجمعة نوفمبر 23, 2012 4:07 am من طرف غزوان قهوجي
» مهيمنات ( السلطة ) وتنويعاتها الإسلوبية في بعض عروض مهرجان بغداد لمسرح الشباب العربي
الجمعة نوفمبر 23, 2012 4:02 am من طرف غزوان قهوجي
» مقالة جميلة عن مولانا
الجمعة نوفمبر 23, 2012 3:50 am من طرف غزوان قهوجي
» خبر عن مشاركة الفرقة في مهرجان بغداد
الجمعة نوفمبر 23, 2012 3:39 am من طرف غزوان قهوجي
» أم سامي
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:10 pm من طرف همسة حب
» حدث في سوريا : دعوى قضائية شد الله !!!!!
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:06 pm من طرف همسة حب
» حكايا طريفة
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:01 pm من طرف همسة حب
» السر بشهر العسل
الإثنين نوفمبر 12, 2012 6:56 pm من طرف همسة حب
» عندما يتفلسف الحمار
الإثنين نوفمبر 12, 2012 6:53 pm من طرف همسة حب
» حكمة : كن نذلا تعيش ملكاً ........!!!
الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 2:44 am من طرف همسة حب
» فــوائـد الـزوجــة الـنـكـديــة
الإثنين نوفمبر 05, 2012 5:21 am من طرف همسة حب
» شو كان لازم يعمل ؟
الإثنين نوفمبر 05, 2012 5:18 am من طرف همسة حب