منقول
هنا نعترض كون الفنون السبعة الحالية قد آلت للسقوط بظهور الفن الثامن، كما يحدث في عالم الفلسفة والنظريات العلمية، بل، وبكل وضوح، نتحدث عن إمكانية المقارنة بينها وبينه، مع الأخذ بنظر الاعتبار أوليا، كونه يتميز عنها بوصفه بحق بذرة القرن العشرين الفلسفية العلمية، وانه فن المتلقي.
ربما كانت المؤسسة الفنية، بل أكيد، هي الوحيدة التي لم تعطي الحرية لأفرادها من حيث كونها بقيت ثابتة على نظام الملقي والمتلقي، والفنان والجمهور، ويكون هنا أن يكبر الفنان ولكن يبقى الجمهور كما هو ، وهذه العلاقة التي نقضناها بينهم ، هي ما حكمت أسس التعامل ، وحتى المواصفات المطلقة التي نفيناها ، كانت غير قابلة للتغيير كما أسلفنا ، إذا فعلا ، لم يشهد الفكر الإنساني تغييرا فنيا إلا بظهور الفن الثامن ، وكان هذا في خضم علمية فلسفة القرن العشرين فقط ، مما سيحدد لنا بشكل شبه واضح ما ستؤول إليه مؤسسة الفن مستقبلا ز.
كون الفنون السابقة قدمت لنا أداة تركيبية للأساطير التي كانت أساسا منطلقاتها ترسيخ الأنظمة الفكرية السائدة فلا يمكن إهمال الإهمال للفهم الكامل لواقع المتلقي بوصفه كائن ذاتي الوجود ، إلا لو كانت مجموعة الفنون السبعة قد أثرت عبودية المتلقي .
أن مسالة اعتراضنا على الأنظمة الشمولية في العالم الفني ومنجزاتها ، يجرنا للقبول بالثامن فنا، حيث هو لا يتقبل التجريد المنطقي الشكلي التقليدي كنظام مؤسساتي، ولا يتقبل بنفس الوقت النظرة الشاملة للمنطق التنفيذي بوصفه يشترط أساس المعرفة لطبيعة الفكرة، أية فكرة، من قبل المتلقي، أن تكون بربط تاريخي متصل من العلاقات، مما يؤدي بالضرورة، إلى ذوبان الذات الفردية في تجريد أخر، في مطلق أخر، ولو متناقض .
أن المتلقي في الفن الثامن لا يكون محاطا بفكرة الكلية للبت في منطق أنساني من حيث القبول بالفكرة ونقيضها، بغض النظر عما إذا كانت تمسه شخصيا، بل يعتمد منطقا يخضع لمعطياته هو محددا بذلك اتجاه التأمل التجريدي كحد أولي، وموجدا لذاتية قلما فقدناها في إطار الفنون السائدة، من خلال ذلك، يتكون الوعي الفردي، ذاتيا، وينبض بالحياة من جديد.
الفن الذي ينهي كل الفنون، لا بد أن يحتويها مبدئيا، وكما قيل من أن فن المسرح هو أب للفنون جميعا، فذلك لأنه استطاع احتوائها، ولكن لم ينهيها، ويجعلها حكرا لتجلياته، ولذلك لا تكفي هذه الصفة، وعلى اعتبارها نشاطات إنسانية متنوعة، فلا بد أن تكون مختلفة اختلاف مناهج وتوجهات الفكر الإنساني ولهذا، لذات نجد أن قبول الفن الثامن كنوع مستند على الاختلاف من ناحية منطقيا، وكفن ينهي جدلية العلاقة بين المتلقي والفنان من ناحية أخرى، وأيضا ينهي إشكالية قديمه قدم الحضارة وهي تبعية الفن للفلسفة كما كان العلم تابعا لها إلى أن حلت فلسفة العلم في القرن العشرين، وميزة الاستقلال هذه لا تفزع الفن أو العلم من المحتوى الفلسفي، بل تغني الطروحات بذات الوقت .
أن وجود المتلقي ضمن إطار فني معين، لا يكون بالضرورة محددا بذلك الإطار، ففي نطاق إثبات الوجود ذاته يكون على فكرة الاقتران الاثباتية، أن تخضع لتأمل المتلقي ذاته لإدراك قاطع، قد لا ينتج عنه دلائل جزئية، ولكن الأهم انه لا يعود المتلقي هنا حاملا رغبة الثبات على ما تواضعت عليه تصوراته لحين مجيء لحظة يدرك فيها أن جل المسالة التي يتأمل فيها، وجوده، كذات واعية في إطار فني، لا يمكن أن ترقي عقليا ليتجاوز بها الأهم من ناحية التأمل الخاضع أساسا، والاهم هنا الإطار الواقعي، وكونه كائن حاليا بين تأملين لا يقوى على فصلهما، فعليه كحد أدنى محاولة القيام يهما في إطار موحد لفكرة التأمل وموجه لإدراك معنى وجوده والآن.
أن التناقض الحاصل في تمثل وجودين في أن واحد، لا يمكن الحياد عنه بكونه آلية طبيعية للعقل البشري، بل الاكتفاء بذلك، فحالة المتلقي الحالية في ظل الفنون السبعة، تجر وعيه لظل العقل، والى تجليات لا واقعيه على صعيد النتائج، فإذا كان للمتلقي إيجاد نقطة تلاقي عقلية تتيح له تقييم التجربة بمعزل وبفوقيه نقدية لا ذات متصرفة موجهة بشكل آلي، فلا بد أن تتضح لديه الحقائق، شبه الكاملة، على اقل تقدير، ولكن كيفية حدوث ذلك تعتمد على الإطار الغير موجود في ما ساد الفنون السبعة، لان عملية النظرة النقدية لتجارب الآخرين ليست هي ذاتها العملية النقدية الذاتية، تقويميا، ولا حتى قريبة من الذاتية في التجريب النقدي وهنا كان لا بد من إطار أخر يتيح الحياد النقدي للتجربة فنيا.
أن التأثير القمعي إذا صح التعبير للفنون السبعة، هو الذي يمحي محاولات كشف الذات الفردية للمتلقي، ولذلك فان تحقيق الوحدة والتناغم بين عملية إثبات الوجود الفردي والمحيط الفني، مطلقة الاستحالة، فذوبان الذات شرط تعالي الموضوع, دون اكتساب صفة الذاتية، ولو شكلا.
أن الفن حينما يحقق عملية تأمل الفرد المتلقي في حدوده المتخيلة وما الممكن فيها، لا بد أن يفضي ذلك لكونه وصل لأهم نقطة في توحيد جهد المتلقي لا بعثرته في البحث بجدوى النهائي في اللانهائي، أو وجود اللانهائي واندماجه كليا بالنهائي، بل ما دام الخيال هو المحيط الفني فعليه يكون المتلقي هنا أمام ذاته المتخيلة، وإذا لم يكن ذلك فتحقق المعرفة الذاتية يصبح معاقا وبالتالي لا يكفي حديث النقد ولا يوفي لردم الصدع وتلافي الأخطاء الفنية، إذ ليس من الكلي المتخيل في شيء يهم المتلقي لا ولا حتى الجزيئات المحسومة، ما عدا شيء واحد وهي النتائج الذاتية التحصيل .
أن افتراض المعرفة الذاتية المتحققة بالفن الثامن للمتلقي، لا يأتي تأكيده من خلال الاقتران الجدلي بين فكرة ما مطلق كانت أم لا فنيا، وذات المتلقي المفكرة، بل أساسا لا يمكن اعتبار عرض الفكرة مهما كانت هو ضمان لتحديد اطر التعامل الذاتي معها بالنسبة له، المتلقي، لأنها وبكل تأكيد تعود لذات فنان، وتحقق المعرفة الذاتية والإلمام بمدركاتها على صعيد التلقي يفترض الإسقاط الذاتي على الأفكار المطروحة فنيا، لذا فهذه العملية لا تجد لها حاضنة غير التي يوفرها الفن الثامن وبهذا يكون الفرض.
أن الذي يدعو إليه الفن، ما عدا الفن الثامن، هو فرضية كون الفكرة تتخذ من الإطار الفني المحيط جسرا موثوقا به، لتوصيلها وأهدافها المنشودة في المتلقي، ومن هنا جاء اقتران الفكرة بالفن وعناصره، ومن الممكن القول بان ذات الفكرة بمالها من خصائص جدلية وعلى وفق هذه الفرضية، لا يمكن أن تؤخذ مجردة دون العناصر الفنية الملازمة لها مما يؤدي إلى تحديدها، ولن بتخلف أو قصور تلك العناصر، الجسر، فتكون الذات المتلقية مواجهة للفكرة المجردة، وهذا لا يحصل، بحيث غياب مطلق العناصر لا يضمن كونها مجردة الحال كذلك في الحضور، المطلق، ومجال ذلك طبعا وارد، في كل عمل بشري، وفني على وجه التحديد، وبهذا لا تكون عملية التجرد الذاتي المعرفية قد اتخذت طريقا للمتلقي بحيث وفرت الأرضية التجريدية الفعلية، وكدفاع ذاتي آلي، يركن المتلقي لفكرته، وعلى وفق ذات الفرضية، الاقتران، يقارن بينهما، مستعينا بذات الجسر الفني ولكن على نطاق التخيل الذاتي، فتتكرر العملية، والنتيجة هي توحيد المتناقضات في كونها صحيحة في ذاتها وخاطئة في الاقتران المزدوج بين فكرة مطروحة وفكرة ذاتية مما يجد الفرضية ذاتها لعرض العناصر أخيرا، الجسر، وتلاشي جدل الأفكار التأملي الغير مجدي أمام التغير المستمر لذات الفكرة المطروحة.
بعبارة أخرى، أن الفنان الذي يفترض كون التناقض ينتج من خلال الجسر الموصل للفكرة يمكن أن يحيل ذات الجسر إلى فكرة، قد أحال ذات المتلقي إلى الخوض في علاقة الفكر بعناصر الفن لا علاقتها به كذات مفكرة، ولو طرحت الفكرة ذاتها بأقل ما يمكن أن تتقبله فرضية الاقتران الفنية السائدة، ما عدا في الفن الثامن، لكان ذات الأمر سيحصل بحيث تتناقض الفكرة ومحمولها، الجسر، العناصر، مما يؤدي إلى اللاشيئية المعروضة للمتلقي، على أمل التأمل المجرد فيها كفكرة، لان القبول بالتناقض شيء عقلي نظري، ولكن بناء عملية التفكير على ذات المبدأ لتجعل المتلقي إلا أن يعتمد فرضية الاقتران على ذاتية ذاتها، ويقرنها بالتفكير، فيكون ذاتا مفكرة، وهذا داخل المحيط الفني فحسب، ونفس العملية ستحصل بهذا الاقتران الذاتي أخيرا حيث كونه ذاتا يثبت أولا يثبت كونه ذاتا مفكرة، أو كونه أصلا في خضم عملية التفكير ولذلك هو ذاتا مفكرة، والحال الموجود انه متلقي لا ملقي.
أن التجربة التي يقدمها الفن الثامن للمتلقي، لتجعله يبتعد عن احتواء موضوع المعرفة الموضوعية لذاته، وتحديد وجوده كذات عارفة وجودة، وذلك يتبع التغير الواضح في الاتجاه التأملي في الفن الثامن، حيث أن كان موضوعيا، أو ذاتيا، وهذا الأخير هو أساس عملية التأمل في الفن الثامن، حيث يتم سبرغور القضايا المطروحة وفق علاقتها المباشرة بالتجربة الذاتي، إلا أن شرط استمرارية التأمل المنتج هو وجود ذات المتلقي الأصلية، كما الواقع، في المحيط الفني، وهذا مضمون من الأساس الذي على عليه بنيات الفن الثامن، المتلقي الفاعل، وهكذا تكون عملية التأمل منتجة لو شرط ما شرط نفي المطلق الأولي، لضمان وجود ذات المتلقي الفاعلة.
في الفن الثامن لا يحدث الفصل بين الذاتية والموضوعية في عملية التأمل التجريدي، حيث ليس بمكان أن نقول بذلك والحاصل فعلا أن المتلقي، كذات موجودة، وفارضة لوجودها من خلال الفعل، يكون في خضم عمليتين للتأمل، موضوعية وذاتية، أبدا ليس هذا الذي يحث في الفنون السائدة متاح في الفن الثامن، لأنه يوفر التجربة، وهنا يكون انطلاقه ونتيجة المتلقي التأملية ذاتية، فلم يكن منتجا أن يخوض المتلقي تأملين و أن يكون حاضرا لعالمين في أن واحد، وان يتعامل معهما موضوعيا إلا لو كان قد الغي وجوده الذاتي، وذلك لا يحصل في فن المتلقي الثامن.
أن الاعتراف بالأنا، التي يوفرها المتلقي لنفسه من خلال الفن الثامن قد لا يكون مماثلا لواقع الحياة، بل لا بد أن لا يكون، فاستبدال الفن بالحياة أو العكس لا يخدم هذه الفزعة الإنسانية للتطور، ولا يطورها بالذات، وعملية فان الفن الثامن يوفر للمتلقي مواجهة التجربة من موقع المجرب، وذلك حال الواقع، ولكن يغنيه عن إكمال التعايش الواقعي برده اى الذات الواقع بعد التجربة، معززا بها، حيث أصبح لدينا متلقي يتعامل مع ما هو واقعي الفكر، في محيط الفن، بل ويتفاعل معه على أساس واقعية التجربة الافتراضية، وبالتالي فوجوده واقع تأملي يحدده إطار تفكيره الذاتي، لان التلقي فن وإحساس بالجمال لإعطاء الذات المفكرة مضامين مرنة تتعامل مع المعطيات الافتراضية لتسير عملية البناء نحو التفهم الكامل للذات أولا، والانطلاق منها تجريديا كخوفك رموز المتناقضات من القضايا لفكرية وكون التجرد ذاته يضمن ذلك، ولكن وجود المتلقي فعليا في واقع الفن الثامن، يجعل الحقائق الذاتية تختبر قوتها بتجربة فعلية مما يعطي للتجرد صفة البت في التناقضات واقعيا.
من هذا الذي تقدم يمون التأمل التجريدي في الفن الثامن لا ينمو نحو ذات العملية في غيره من الفنون، فهنا تكون عملية التفكير بهذا الشكل التجريدي البحت من قبل المتلقي تهدف للبت في مواجهات تجربة افتراضية الواقع، وبذلك سيسعى المتلقي لاستنتاج الفكرة واقعيا لا مجردة فقط، سيكون التجرد الكامل في تناول المواضيع المطروحة فنيا أساسا لا بعدا مطلقا لمجمل العملية.
أن أسس النظام القمعي لوعي المتلقي قد زالت تماما، لان الفن الثامن يقدم من خلال التجربة ذاتية خاصة بالمتلقي تجعله ينبذ التفكير الشمولي طالما هو ذاته مواجها للتجربة، وبهكذا وعي بالتجربة الإنسانية الفردية الحية التي تتمتع باستقلال وبخصوبة فكرية، يكون الفن الثامن قد أسس الرفض الذاتي للاحتواء المطلق لمحيط ما للذات الفردية وتلاشيها فيه، وهو هنا المحيط الفني.
أن كون الفن الثامن جاء كرد فعل على سيطرة الموضوع الفني على المتلقي بحيث تكون العملية، التلقي، مصورة ضمن إطار ذات المحيط دون أدنى فرصة أو إتاحة لهذا الفكر الذاتي الفردي أن يتخلص من هكذا نظام شمولي، وكونه أيضا لا يمثل النادية البحتة التي اصطبغت بها إيديولوجيات القرن العشرين الفنية، يجعله باعتماده على التجريب مختلفا في الأهداف المضامين، عن ذات الاعتماد من قبل الفكر المادي، وبهذا نرى وحدوية الفن الثامن لا نجدها في باقي الفنون وهي كونه ماديا روحيا بذات الوقت، حيث هو يوفر التجربة المادية للمتلقي الذي يسيرغورها روحيا، وتكون النتيجة التجربة وافية على الصعيدين فلا يمكن فصل ذات المتلقي المجربة عن واقع التجربة ولا يمكن القول بانفصالها التام روحيا، حيث المتلقي يمثل ذاته كذات لا كمتلقي أو جمهور أو مستهلك فني، فليس الفن الثامن مكملا لعملية التحليل الرياضي للإنسان، بل للمحيط الإنساني، ونرى كون تحليل المحيط الإنساني علميا لا يتعارض مع كونه أساس التجربة الروحية للمتلقي كذات فردية، ولو أن الفن الثامن لم يراعي ذلك، لكان المتلقي وفقا للتحليل العلمي للمحيط، خاضعا بالضرورة لذات التحليل، ولأصبح دور المتلقي ثابتا شانه شان القوانين العلمية الطبيعية، التي تنشد المطلق، كما هو حالة كمتلقي في باقي الفنون، إلا انه هنا يحظى بالاعتراف بإنسانية بوصفها ذاتا متطورا وفاعلة، ولذلك كان فعل المتلقي هو ما يفصل كل الفنون عن الفن الثامن، فليس من فن يعتمد عليه.
أن التسلسل الرقمي للفن الثامن جاء من ناحية كونه لا نهائيا إلى مدى ذلك من تاريخ البشر التطوري من حيث كون العملية مستمرة، وليس لرقم الثامن ربطا بالصفات والمميزات أكثر منه اعترافا بتطور الوعي الإنساني الفردي، وإمكانية وجود التاسع والعاشر....الخ، ما دام أساس الفن الثامن لا يعتمد النظام الشمولي الذي دعت إليه المذاهب والتيارات الفنية السائدة
سرمد السرمدي
هنا نعترض كون الفنون السبعة الحالية قد آلت للسقوط بظهور الفن الثامن، كما يحدث في عالم الفلسفة والنظريات العلمية، بل، وبكل وضوح، نتحدث عن إمكانية المقارنة بينها وبينه، مع الأخذ بنظر الاعتبار أوليا، كونه يتميز عنها بوصفه بحق بذرة القرن العشرين الفلسفية العلمية، وانه فن المتلقي.
ربما كانت المؤسسة الفنية، بل أكيد، هي الوحيدة التي لم تعطي الحرية لأفرادها من حيث كونها بقيت ثابتة على نظام الملقي والمتلقي، والفنان والجمهور، ويكون هنا أن يكبر الفنان ولكن يبقى الجمهور كما هو ، وهذه العلاقة التي نقضناها بينهم ، هي ما حكمت أسس التعامل ، وحتى المواصفات المطلقة التي نفيناها ، كانت غير قابلة للتغيير كما أسلفنا ، إذا فعلا ، لم يشهد الفكر الإنساني تغييرا فنيا إلا بظهور الفن الثامن ، وكان هذا في خضم علمية فلسفة القرن العشرين فقط ، مما سيحدد لنا بشكل شبه واضح ما ستؤول إليه مؤسسة الفن مستقبلا ز.
كون الفنون السابقة قدمت لنا أداة تركيبية للأساطير التي كانت أساسا منطلقاتها ترسيخ الأنظمة الفكرية السائدة فلا يمكن إهمال الإهمال للفهم الكامل لواقع المتلقي بوصفه كائن ذاتي الوجود ، إلا لو كانت مجموعة الفنون السبعة قد أثرت عبودية المتلقي .
أن مسالة اعتراضنا على الأنظمة الشمولية في العالم الفني ومنجزاتها ، يجرنا للقبول بالثامن فنا، حيث هو لا يتقبل التجريد المنطقي الشكلي التقليدي كنظام مؤسساتي، ولا يتقبل بنفس الوقت النظرة الشاملة للمنطق التنفيذي بوصفه يشترط أساس المعرفة لطبيعة الفكرة، أية فكرة، من قبل المتلقي، أن تكون بربط تاريخي متصل من العلاقات، مما يؤدي بالضرورة، إلى ذوبان الذات الفردية في تجريد أخر، في مطلق أخر، ولو متناقض .
أن المتلقي في الفن الثامن لا يكون محاطا بفكرة الكلية للبت في منطق أنساني من حيث القبول بالفكرة ونقيضها، بغض النظر عما إذا كانت تمسه شخصيا، بل يعتمد منطقا يخضع لمعطياته هو محددا بذلك اتجاه التأمل التجريدي كحد أولي، وموجدا لذاتية قلما فقدناها في إطار الفنون السائدة، من خلال ذلك، يتكون الوعي الفردي، ذاتيا، وينبض بالحياة من جديد.
الفن الذي ينهي كل الفنون، لا بد أن يحتويها مبدئيا، وكما قيل من أن فن المسرح هو أب للفنون جميعا، فذلك لأنه استطاع احتوائها، ولكن لم ينهيها، ويجعلها حكرا لتجلياته، ولذلك لا تكفي هذه الصفة، وعلى اعتبارها نشاطات إنسانية متنوعة، فلا بد أن تكون مختلفة اختلاف مناهج وتوجهات الفكر الإنساني ولهذا، لذات نجد أن قبول الفن الثامن كنوع مستند على الاختلاف من ناحية منطقيا، وكفن ينهي جدلية العلاقة بين المتلقي والفنان من ناحية أخرى، وأيضا ينهي إشكالية قديمه قدم الحضارة وهي تبعية الفن للفلسفة كما كان العلم تابعا لها إلى أن حلت فلسفة العلم في القرن العشرين، وميزة الاستقلال هذه لا تفزع الفن أو العلم من المحتوى الفلسفي، بل تغني الطروحات بذات الوقت .
أن وجود المتلقي ضمن إطار فني معين، لا يكون بالضرورة محددا بذلك الإطار، ففي نطاق إثبات الوجود ذاته يكون على فكرة الاقتران الاثباتية، أن تخضع لتأمل المتلقي ذاته لإدراك قاطع، قد لا ينتج عنه دلائل جزئية، ولكن الأهم انه لا يعود المتلقي هنا حاملا رغبة الثبات على ما تواضعت عليه تصوراته لحين مجيء لحظة يدرك فيها أن جل المسالة التي يتأمل فيها، وجوده، كذات واعية في إطار فني، لا يمكن أن ترقي عقليا ليتجاوز بها الأهم من ناحية التأمل الخاضع أساسا، والاهم هنا الإطار الواقعي، وكونه كائن حاليا بين تأملين لا يقوى على فصلهما، فعليه كحد أدنى محاولة القيام يهما في إطار موحد لفكرة التأمل وموجه لإدراك معنى وجوده والآن.
أن التناقض الحاصل في تمثل وجودين في أن واحد، لا يمكن الحياد عنه بكونه آلية طبيعية للعقل البشري، بل الاكتفاء بذلك، فحالة المتلقي الحالية في ظل الفنون السبعة، تجر وعيه لظل العقل، والى تجليات لا واقعيه على صعيد النتائج، فإذا كان للمتلقي إيجاد نقطة تلاقي عقلية تتيح له تقييم التجربة بمعزل وبفوقيه نقدية لا ذات متصرفة موجهة بشكل آلي، فلا بد أن تتضح لديه الحقائق، شبه الكاملة، على اقل تقدير، ولكن كيفية حدوث ذلك تعتمد على الإطار الغير موجود في ما ساد الفنون السبعة، لان عملية النظرة النقدية لتجارب الآخرين ليست هي ذاتها العملية النقدية الذاتية، تقويميا، ولا حتى قريبة من الذاتية في التجريب النقدي وهنا كان لا بد من إطار أخر يتيح الحياد النقدي للتجربة فنيا.
أن التأثير القمعي إذا صح التعبير للفنون السبعة، هو الذي يمحي محاولات كشف الذات الفردية للمتلقي، ولذلك فان تحقيق الوحدة والتناغم بين عملية إثبات الوجود الفردي والمحيط الفني، مطلقة الاستحالة، فذوبان الذات شرط تعالي الموضوع, دون اكتساب صفة الذاتية، ولو شكلا.
أن الفن حينما يحقق عملية تأمل الفرد المتلقي في حدوده المتخيلة وما الممكن فيها، لا بد أن يفضي ذلك لكونه وصل لأهم نقطة في توحيد جهد المتلقي لا بعثرته في البحث بجدوى النهائي في اللانهائي، أو وجود اللانهائي واندماجه كليا بالنهائي، بل ما دام الخيال هو المحيط الفني فعليه يكون المتلقي هنا أمام ذاته المتخيلة، وإذا لم يكن ذلك فتحقق المعرفة الذاتية يصبح معاقا وبالتالي لا يكفي حديث النقد ولا يوفي لردم الصدع وتلافي الأخطاء الفنية، إذ ليس من الكلي المتخيل في شيء يهم المتلقي لا ولا حتى الجزيئات المحسومة، ما عدا شيء واحد وهي النتائج الذاتية التحصيل .
أن افتراض المعرفة الذاتية المتحققة بالفن الثامن للمتلقي، لا يأتي تأكيده من خلال الاقتران الجدلي بين فكرة ما مطلق كانت أم لا فنيا، وذات المتلقي المفكرة، بل أساسا لا يمكن اعتبار عرض الفكرة مهما كانت هو ضمان لتحديد اطر التعامل الذاتي معها بالنسبة له، المتلقي، لأنها وبكل تأكيد تعود لذات فنان، وتحقق المعرفة الذاتية والإلمام بمدركاتها على صعيد التلقي يفترض الإسقاط الذاتي على الأفكار المطروحة فنيا، لذا فهذه العملية لا تجد لها حاضنة غير التي يوفرها الفن الثامن وبهذا يكون الفرض.
أن الذي يدعو إليه الفن، ما عدا الفن الثامن، هو فرضية كون الفكرة تتخذ من الإطار الفني المحيط جسرا موثوقا به، لتوصيلها وأهدافها المنشودة في المتلقي، ومن هنا جاء اقتران الفكرة بالفن وعناصره، ومن الممكن القول بان ذات الفكرة بمالها من خصائص جدلية وعلى وفق هذه الفرضية، لا يمكن أن تؤخذ مجردة دون العناصر الفنية الملازمة لها مما يؤدي إلى تحديدها، ولن بتخلف أو قصور تلك العناصر، الجسر، فتكون الذات المتلقية مواجهة للفكرة المجردة، وهذا لا يحصل، بحيث غياب مطلق العناصر لا يضمن كونها مجردة الحال كذلك في الحضور، المطلق، ومجال ذلك طبعا وارد، في كل عمل بشري، وفني على وجه التحديد، وبهذا لا تكون عملية التجرد الذاتي المعرفية قد اتخذت طريقا للمتلقي بحيث وفرت الأرضية التجريدية الفعلية، وكدفاع ذاتي آلي، يركن المتلقي لفكرته، وعلى وفق ذات الفرضية، الاقتران، يقارن بينهما، مستعينا بذات الجسر الفني ولكن على نطاق التخيل الذاتي، فتتكرر العملية، والنتيجة هي توحيد المتناقضات في كونها صحيحة في ذاتها وخاطئة في الاقتران المزدوج بين فكرة مطروحة وفكرة ذاتية مما يجد الفرضية ذاتها لعرض العناصر أخيرا، الجسر، وتلاشي جدل الأفكار التأملي الغير مجدي أمام التغير المستمر لذات الفكرة المطروحة.
بعبارة أخرى، أن الفنان الذي يفترض كون التناقض ينتج من خلال الجسر الموصل للفكرة يمكن أن يحيل ذات الجسر إلى فكرة، قد أحال ذات المتلقي إلى الخوض في علاقة الفكر بعناصر الفن لا علاقتها به كذات مفكرة، ولو طرحت الفكرة ذاتها بأقل ما يمكن أن تتقبله فرضية الاقتران الفنية السائدة، ما عدا في الفن الثامن، لكان ذات الأمر سيحصل بحيث تتناقض الفكرة ومحمولها، الجسر، العناصر، مما يؤدي إلى اللاشيئية المعروضة للمتلقي، على أمل التأمل المجرد فيها كفكرة، لان القبول بالتناقض شيء عقلي نظري، ولكن بناء عملية التفكير على ذات المبدأ لتجعل المتلقي إلا أن يعتمد فرضية الاقتران على ذاتية ذاتها، ويقرنها بالتفكير، فيكون ذاتا مفكرة، وهذا داخل المحيط الفني فحسب، ونفس العملية ستحصل بهذا الاقتران الذاتي أخيرا حيث كونه ذاتا يثبت أولا يثبت كونه ذاتا مفكرة، أو كونه أصلا في خضم عملية التفكير ولذلك هو ذاتا مفكرة، والحال الموجود انه متلقي لا ملقي.
أن التجربة التي يقدمها الفن الثامن للمتلقي، لتجعله يبتعد عن احتواء موضوع المعرفة الموضوعية لذاته، وتحديد وجوده كذات عارفة وجودة، وذلك يتبع التغير الواضح في الاتجاه التأملي في الفن الثامن، حيث أن كان موضوعيا، أو ذاتيا، وهذا الأخير هو أساس عملية التأمل في الفن الثامن، حيث يتم سبرغور القضايا المطروحة وفق علاقتها المباشرة بالتجربة الذاتي، إلا أن شرط استمرارية التأمل المنتج هو وجود ذات المتلقي الأصلية، كما الواقع، في المحيط الفني، وهذا مضمون من الأساس الذي على عليه بنيات الفن الثامن، المتلقي الفاعل، وهكذا تكون عملية التأمل منتجة لو شرط ما شرط نفي المطلق الأولي، لضمان وجود ذات المتلقي الفاعلة.
في الفن الثامن لا يحدث الفصل بين الذاتية والموضوعية في عملية التأمل التجريدي، حيث ليس بمكان أن نقول بذلك والحاصل فعلا أن المتلقي، كذات موجودة، وفارضة لوجودها من خلال الفعل، يكون في خضم عمليتين للتأمل، موضوعية وذاتية، أبدا ليس هذا الذي يحث في الفنون السائدة متاح في الفن الثامن، لأنه يوفر التجربة، وهنا يكون انطلاقه ونتيجة المتلقي التأملية ذاتية، فلم يكن منتجا أن يخوض المتلقي تأملين و أن يكون حاضرا لعالمين في أن واحد، وان يتعامل معهما موضوعيا إلا لو كان قد الغي وجوده الذاتي، وذلك لا يحصل في فن المتلقي الثامن.
أن الاعتراف بالأنا، التي يوفرها المتلقي لنفسه من خلال الفن الثامن قد لا يكون مماثلا لواقع الحياة، بل لا بد أن لا يكون، فاستبدال الفن بالحياة أو العكس لا يخدم هذه الفزعة الإنسانية للتطور، ولا يطورها بالذات، وعملية فان الفن الثامن يوفر للمتلقي مواجهة التجربة من موقع المجرب، وذلك حال الواقع، ولكن يغنيه عن إكمال التعايش الواقعي برده اى الذات الواقع بعد التجربة، معززا بها، حيث أصبح لدينا متلقي يتعامل مع ما هو واقعي الفكر، في محيط الفن، بل ويتفاعل معه على أساس واقعية التجربة الافتراضية، وبالتالي فوجوده واقع تأملي يحدده إطار تفكيره الذاتي، لان التلقي فن وإحساس بالجمال لإعطاء الذات المفكرة مضامين مرنة تتعامل مع المعطيات الافتراضية لتسير عملية البناء نحو التفهم الكامل للذات أولا، والانطلاق منها تجريديا كخوفك رموز المتناقضات من القضايا لفكرية وكون التجرد ذاته يضمن ذلك، ولكن وجود المتلقي فعليا في واقع الفن الثامن، يجعل الحقائق الذاتية تختبر قوتها بتجربة فعلية مما يعطي للتجرد صفة البت في التناقضات واقعيا.
من هذا الذي تقدم يمون التأمل التجريدي في الفن الثامن لا ينمو نحو ذات العملية في غيره من الفنون، فهنا تكون عملية التفكير بهذا الشكل التجريدي البحت من قبل المتلقي تهدف للبت في مواجهات تجربة افتراضية الواقع، وبذلك سيسعى المتلقي لاستنتاج الفكرة واقعيا لا مجردة فقط، سيكون التجرد الكامل في تناول المواضيع المطروحة فنيا أساسا لا بعدا مطلقا لمجمل العملية.
أن أسس النظام القمعي لوعي المتلقي قد زالت تماما، لان الفن الثامن يقدم من خلال التجربة ذاتية خاصة بالمتلقي تجعله ينبذ التفكير الشمولي طالما هو ذاته مواجها للتجربة، وبهكذا وعي بالتجربة الإنسانية الفردية الحية التي تتمتع باستقلال وبخصوبة فكرية، يكون الفن الثامن قد أسس الرفض الذاتي للاحتواء المطلق لمحيط ما للذات الفردية وتلاشيها فيه، وهو هنا المحيط الفني.
أن كون الفن الثامن جاء كرد فعل على سيطرة الموضوع الفني على المتلقي بحيث تكون العملية، التلقي، مصورة ضمن إطار ذات المحيط دون أدنى فرصة أو إتاحة لهذا الفكر الذاتي الفردي أن يتخلص من هكذا نظام شمولي، وكونه أيضا لا يمثل النادية البحتة التي اصطبغت بها إيديولوجيات القرن العشرين الفنية، يجعله باعتماده على التجريب مختلفا في الأهداف المضامين، عن ذات الاعتماد من قبل الفكر المادي، وبهذا نرى وحدوية الفن الثامن لا نجدها في باقي الفنون وهي كونه ماديا روحيا بذات الوقت، حيث هو يوفر التجربة المادية للمتلقي الذي يسيرغورها روحيا، وتكون النتيجة التجربة وافية على الصعيدين فلا يمكن فصل ذات المتلقي المجربة عن واقع التجربة ولا يمكن القول بانفصالها التام روحيا، حيث المتلقي يمثل ذاته كذات لا كمتلقي أو جمهور أو مستهلك فني، فليس الفن الثامن مكملا لعملية التحليل الرياضي للإنسان، بل للمحيط الإنساني، ونرى كون تحليل المحيط الإنساني علميا لا يتعارض مع كونه أساس التجربة الروحية للمتلقي كذات فردية، ولو أن الفن الثامن لم يراعي ذلك، لكان المتلقي وفقا للتحليل العلمي للمحيط، خاضعا بالضرورة لذات التحليل، ولأصبح دور المتلقي ثابتا شانه شان القوانين العلمية الطبيعية، التي تنشد المطلق، كما هو حالة كمتلقي في باقي الفنون، إلا انه هنا يحظى بالاعتراف بإنسانية بوصفها ذاتا متطورا وفاعلة، ولذلك كان فعل المتلقي هو ما يفصل كل الفنون عن الفن الثامن، فليس من فن يعتمد عليه.
أن التسلسل الرقمي للفن الثامن جاء من ناحية كونه لا نهائيا إلى مدى ذلك من تاريخ البشر التطوري من حيث كون العملية مستمرة، وليس لرقم الثامن ربطا بالصفات والمميزات أكثر منه اعترافا بتطور الوعي الإنساني الفردي، وإمكانية وجود التاسع والعاشر....الخ، ما دام أساس الفن الثامن لا يعتمد النظام الشمولي الذي دعت إليه المذاهب والتيارات الفنية السائدة
سرمد السرمدي
الإثنين أبريل 01, 2013 8:40 am من طرف غزوان قهوجي
» غزوان قهوجي
الإثنين أبريل 01, 2013 8:36 am من طرف غزوان قهوجي
» مختبر فضا المسرحي
الأربعاء فبراير 13, 2013 8:44 am من طرف غزوان قهوجي
» مهرجان لمسرح الشباب العربي في بغداد
الجمعة نوفمبر 23, 2012 4:07 am من طرف غزوان قهوجي
» مهيمنات ( السلطة ) وتنويعاتها الإسلوبية في بعض عروض مهرجان بغداد لمسرح الشباب العربي
الجمعة نوفمبر 23, 2012 4:02 am من طرف غزوان قهوجي
» مقالة جميلة عن مولانا
الجمعة نوفمبر 23, 2012 3:50 am من طرف غزوان قهوجي
» خبر عن مشاركة الفرقة في مهرجان بغداد
الجمعة نوفمبر 23, 2012 3:39 am من طرف غزوان قهوجي
» أم سامي
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:10 pm من طرف همسة حب
» حدث في سوريا : دعوى قضائية شد الله !!!!!
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:06 pm من طرف همسة حب
» حكايا طريفة
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:01 pm من طرف همسة حب
» السر بشهر العسل
الإثنين نوفمبر 12, 2012 6:56 pm من طرف همسة حب
» عندما يتفلسف الحمار
الإثنين نوفمبر 12, 2012 6:53 pm من طرف همسة حب
» حكمة : كن نذلا تعيش ملكاً ........!!!
الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 2:44 am من طرف همسة حب
» فــوائـد الـزوجــة الـنـكـديــة
الإثنين نوفمبر 05, 2012 5:21 am من طرف همسة حب
» شو كان لازم يعمل ؟
الإثنين نوفمبر 05, 2012 5:18 am من طرف همسة حب