دمشق 'القدس العربي' 20 / 8 / 2008 من أنور بدر
انطلق مهرجان محمد الماغوط المسرحي الثاني في السلمية مؤكداً حضوره ضمن زحمة مهرجانات توزعت في العديد من محافظات القطر ومدنه دون أن تنجح في إخراج المسرح السوري من إشكالاته المزمنة وهو ما يمنعنا من تجاهل ذلك الإصرار العنيد على متابعة اللعبة باعتبارها من أخطر الألعاب التي اكتشفها الإنسان ليس لأن المسرح فن راقٍ فحسب بل لأنه فن ديمقراطي أيضا فهو الفن الوحيد الذي يقوم على الحوار بل ويعلمنا الحوار أيضاً.
لأننا إزاء العرض المسرحي لا نتابع الحوار بين الممثلين على خشبة المسرح فقط بل يمتد الحوار ما بين الخشبة والجمهور أيضا وما بين عناصر هذا الجمهور أو المتفرجين فيما بينهم دون أي وهم أو ادعاء بأننا في العرض المسرحي سنحصل على أجوبة كافية لتساؤلاتنا أو حلول ناجعة لمشاكلنا حتى أننا نعلم عجز المسرح وعروضه الكثيرة عن اكتشاف حلول لأزمته هو كفن لكنه الحوار الذي يزرع فينا دودة القلق وهاجس التساؤل والجرأة على الحياة والمغامرة بآن معا. فإذا كان مابين الدورة الأولى لمهرجان الماغوط المسرحي ودورته الثانية عام ونيف نستطيع أن نتساءل حول مدى نجاح هذا المهرجان ومدى قدرته على اختيار وتقديم ما هو أفضل أو ما يساعدنا على اكتشاف ظلال جميلة للحياة ومساحات أرحب للأمل. قدم المهرجان خمسة عروض تغيب آخرها وهو العرض الجزائري 'الجيفة' من إخراج عبد المالك بوسا هل عن نص للكاتب الراحل سعد الله ونوس واستعيض عنه في اللحظة الأخيرة بعرض 'الحقيقة ماتت' لاتحاد طلبة حلب بتوقيع سامر السيد علي مخرجاً ولم يكن هذا الخيار موفقاً لكنه الخيار الوحيد الممكن على ما يبدو وهذا يحمّل الجهة المنظمة للمهرجان مسؤولية التأكد من جاهزية كل العروض المشاركة ومتابعتها قبل اللحظة الأخيرة. وبشكل خاص العروض الخارجية. بينما عرض 'المزبلة الفاصلة' للمخرج هاشم غزال عن نص لعباس أحمد الحايك، فقد أحالنا بالضرورة لمسرحية 'الديك' التي كتبها طلال نصر الدين مع فارق كبير في الرؤية الدرامية ومقولة العرض التي شكلت مطباً كبيراً للمخرج هاشم غزال كما تضافرت التقنيات المتاحة من صوت وإضاءة في إضعاف سوية هذا العرض. بالمقابل تميزت ثلاثة عروض قوية بدأت بعرض الافتتاح 'المهرج' لفرقة اتحاد شبيبة الثورة ـ فرع دمشق ـ والذي جيء به ليس لأنه حظي بجائزة أفضل عرض في مهرجان الشباب المسرحي الثالث وأفضل إخراج وأفضل ممثل في مهرجان الشبيبة الفرعي أيضاً. بل لأنه مأخوذ عن نص للمحتفى به الراحل محمد الماغوط خاصة وأن سلمية البلدة المضيفة لم تشارك بأي عرض في هذه الدورة. ويعتبر نص 'المهرّج' من أوائل النصوص التي كتبها محمد
الماغوط عام 1968 ، لكنها ككل أعماله المسرحية والدرامية اللاحقة كانت مشاريع أعمال تذخر بأفكار الماغوط وانتقاداته اللاذعة بل وسخريته الجارحة أيضاً. لكنها كانت في الوقت ذاته تفتقر إلى البناء الدرامي وهو ما يُتيح لأي مخرج أو درامتير أن يستعيد نص الماغوط بطريقته وأعتقد أنّ المخرج غزوان قهوجي قد نجح في ترهين النص للحظة المعاشة سياسياً واجتماعياً حين جعل صقر قريش السادر في أبديته يكتشف أنّ العرب أضاعوا الأندلس وفلسطين أيضاً وصولاً إلى العراق. وحين ربط بين حكايات المهرج وشكوى الزوجة المتداخل مع دقات جرن الهاون.
نص المهرج ينتمي بجدارة إلى زمنه الذي أعقب النكسة الحزيرانية لكنه يتفوّق على كل نصوص تلك المرحلة في جرعة السخرية من الواقع والذات ومرارتها أيضا حتى أنّ صقر قريش العائد إلينا لينقذ العرب مما حاق بهم يتحوّل ببطء إلى مهرج أيضاً بعدما استوقفته دورية حرس الحدود التابعة لأحد الأنظمة لأنه لا يحمل أية هوية أو جواز سفر ويبقى في السجن حتى يأتي السفير الإسباني لاستعادته في صفقه مع مسؤول المركز الحدودي الذي احتجز فيه.
المخرج غزوان قهوجي اعترف أنه يخاف لذلك لم يستطع السير بصقر قريش إلى مصيره الماغوطي كمهرج خوفاً من اعتبارها إشارة أو دلالة على أي صقر راهن دون أن ينقص ذلك من الجرعة الانتقادية الساخرة للعمل. هذه الجرعة الكفيلة بحمل العرض في كثير من الأحيان لكنني اعتقد أنّ أداء الممثلين وبشكل خاص عثمان أبو العمرين بدور المهرج شكل رافعة حقيقية للعرض. فهو كان يلعب في حين كان باقي الممثلين يؤدون بشكل متميّز وهذه المساحة من اللعب أغنت الفرجة البصرية للعرض مع أنها سارت باتجاه التهريج في كثير من الأحيان
انطلق مهرجان محمد الماغوط المسرحي الثاني في السلمية مؤكداً حضوره ضمن زحمة مهرجانات توزعت في العديد من محافظات القطر ومدنه دون أن تنجح في إخراج المسرح السوري من إشكالاته المزمنة وهو ما يمنعنا من تجاهل ذلك الإصرار العنيد على متابعة اللعبة باعتبارها من أخطر الألعاب التي اكتشفها الإنسان ليس لأن المسرح فن راقٍ فحسب بل لأنه فن ديمقراطي أيضا فهو الفن الوحيد الذي يقوم على الحوار بل ويعلمنا الحوار أيضاً.
لأننا إزاء العرض المسرحي لا نتابع الحوار بين الممثلين على خشبة المسرح فقط بل يمتد الحوار ما بين الخشبة والجمهور أيضا وما بين عناصر هذا الجمهور أو المتفرجين فيما بينهم دون أي وهم أو ادعاء بأننا في العرض المسرحي سنحصل على أجوبة كافية لتساؤلاتنا أو حلول ناجعة لمشاكلنا حتى أننا نعلم عجز المسرح وعروضه الكثيرة عن اكتشاف حلول لأزمته هو كفن لكنه الحوار الذي يزرع فينا دودة القلق وهاجس التساؤل والجرأة على الحياة والمغامرة بآن معا. فإذا كان مابين الدورة الأولى لمهرجان الماغوط المسرحي ودورته الثانية عام ونيف نستطيع أن نتساءل حول مدى نجاح هذا المهرجان ومدى قدرته على اختيار وتقديم ما هو أفضل أو ما يساعدنا على اكتشاف ظلال جميلة للحياة ومساحات أرحب للأمل. قدم المهرجان خمسة عروض تغيب آخرها وهو العرض الجزائري 'الجيفة' من إخراج عبد المالك بوسا هل عن نص للكاتب الراحل سعد الله ونوس واستعيض عنه في اللحظة الأخيرة بعرض 'الحقيقة ماتت' لاتحاد طلبة حلب بتوقيع سامر السيد علي مخرجاً ولم يكن هذا الخيار موفقاً لكنه الخيار الوحيد الممكن على ما يبدو وهذا يحمّل الجهة المنظمة للمهرجان مسؤولية التأكد من جاهزية كل العروض المشاركة ومتابعتها قبل اللحظة الأخيرة. وبشكل خاص العروض الخارجية. بينما عرض 'المزبلة الفاصلة' للمخرج هاشم غزال عن نص لعباس أحمد الحايك، فقد أحالنا بالضرورة لمسرحية 'الديك' التي كتبها طلال نصر الدين مع فارق كبير في الرؤية الدرامية ومقولة العرض التي شكلت مطباً كبيراً للمخرج هاشم غزال كما تضافرت التقنيات المتاحة من صوت وإضاءة في إضعاف سوية هذا العرض. بالمقابل تميزت ثلاثة عروض قوية بدأت بعرض الافتتاح 'المهرج' لفرقة اتحاد شبيبة الثورة ـ فرع دمشق ـ والذي جيء به ليس لأنه حظي بجائزة أفضل عرض في مهرجان الشباب المسرحي الثالث وأفضل إخراج وأفضل ممثل في مهرجان الشبيبة الفرعي أيضاً. بل لأنه مأخوذ عن نص للمحتفى به الراحل محمد الماغوط خاصة وأن سلمية البلدة المضيفة لم تشارك بأي عرض في هذه الدورة. ويعتبر نص 'المهرّج' من أوائل النصوص التي كتبها محمد
الماغوط عام 1968 ، لكنها ككل أعماله المسرحية والدرامية اللاحقة كانت مشاريع أعمال تذخر بأفكار الماغوط وانتقاداته اللاذعة بل وسخريته الجارحة أيضاً. لكنها كانت في الوقت ذاته تفتقر إلى البناء الدرامي وهو ما يُتيح لأي مخرج أو درامتير أن يستعيد نص الماغوط بطريقته وأعتقد أنّ المخرج غزوان قهوجي قد نجح في ترهين النص للحظة المعاشة سياسياً واجتماعياً حين جعل صقر قريش السادر في أبديته يكتشف أنّ العرب أضاعوا الأندلس وفلسطين أيضاً وصولاً إلى العراق. وحين ربط بين حكايات المهرج وشكوى الزوجة المتداخل مع دقات جرن الهاون.
نص المهرج ينتمي بجدارة إلى زمنه الذي أعقب النكسة الحزيرانية لكنه يتفوّق على كل نصوص تلك المرحلة في جرعة السخرية من الواقع والذات ومرارتها أيضا حتى أنّ صقر قريش العائد إلينا لينقذ العرب مما حاق بهم يتحوّل ببطء إلى مهرج أيضاً بعدما استوقفته دورية حرس الحدود التابعة لأحد الأنظمة لأنه لا يحمل أية هوية أو جواز سفر ويبقى في السجن حتى يأتي السفير الإسباني لاستعادته في صفقه مع مسؤول المركز الحدودي الذي احتجز فيه.
المخرج غزوان قهوجي اعترف أنه يخاف لذلك لم يستطع السير بصقر قريش إلى مصيره الماغوطي كمهرج خوفاً من اعتبارها إشارة أو دلالة على أي صقر راهن دون أن ينقص ذلك من الجرعة الانتقادية الساخرة للعمل. هذه الجرعة الكفيلة بحمل العرض في كثير من الأحيان لكنني اعتقد أنّ أداء الممثلين وبشكل خاص عثمان أبو العمرين بدور المهرج شكل رافعة حقيقية للعرض. فهو كان يلعب في حين كان باقي الممثلين يؤدون بشكل متميّز وهذه المساحة من اللعب أغنت الفرجة البصرية للعرض مع أنها سارت باتجاه التهريج في كثير من الأحيان
الإثنين أبريل 01, 2013 8:40 am من طرف غزوان قهوجي
» غزوان قهوجي
الإثنين أبريل 01, 2013 8:36 am من طرف غزوان قهوجي
» مختبر فضا المسرحي
الأربعاء فبراير 13, 2013 8:44 am من طرف غزوان قهوجي
» مهرجان لمسرح الشباب العربي في بغداد
الجمعة نوفمبر 23, 2012 4:07 am من طرف غزوان قهوجي
» مهيمنات ( السلطة ) وتنويعاتها الإسلوبية في بعض عروض مهرجان بغداد لمسرح الشباب العربي
الجمعة نوفمبر 23, 2012 4:02 am من طرف غزوان قهوجي
» مقالة جميلة عن مولانا
الجمعة نوفمبر 23, 2012 3:50 am من طرف غزوان قهوجي
» خبر عن مشاركة الفرقة في مهرجان بغداد
الجمعة نوفمبر 23, 2012 3:39 am من طرف غزوان قهوجي
» أم سامي
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:10 pm من طرف همسة حب
» حدث في سوريا : دعوى قضائية شد الله !!!!!
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:06 pm من طرف همسة حب
» حكايا طريفة
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:01 pm من طرف همسة حب
» السر بشهر العسل
الإثنين نوفمبر 12, 2012 6:56 pm من طرف همسة حب
» عندما يتفلسف الحمار
الإثنين نوفمبر 12, 2012 6:53 pm من طرف همسة حب
» حكمة : كن نذلا تعيش ملكاً ........!!!
الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 2:44 am من طرف همسة حب
» فــوائـد الـزوجــة الـنـكـديــة
الإثنين نوفمبر 05, 2012 5:21 am من طرف همسة حب
» شو كان لازم يعمل ؟
الإثنين نوفمبر 05, 2012 5:18 am من طرف همسة حب