الملك – أي ناس؟
الوزير – المجانين.
الملك – ماذا يقولون؟
الوزير – يزعمون أنهم هم العقلاء وأن الملك والوزير هما المصابان...
الملك – صه! من قال هذا الهراء؟
الوزير – تلك عقيدتهم الآن.
الملك – (في تهكم حزين) نحن المصابان وهم العقلاء..!
أيتها السماء رحماك! إنهم لا يشعرون أنهم قد جنوا.
الوزير – صدقت
الملك – يخيل إليّ أن المجنون لا يشعر أنه مجنون.
الوزير – هذا ما أرى.
الملك – إن الملكة واحسرتاه آانت تحادثني الآن وآأنها تعقل ما تقول. بل لقد آانت تبدي لي الحزن
وتسدي إليّ النصح.
الوزير – نعم، نعم. آذلك صنع بي آل من قابلت من رجال القصر وأهل المدينة.
الملك – أيتها السماء رفقاً بهم!
الوزير – (في تردد) وبنا.
الملك – (متسائلاً في دهش) وبنا؟ !
الوزير – مولاي! إني أريد أن أقول شيئاً.
الملك – (في خوف) تقول ماذا؟
الوزير – إني آدت أرى..
الملك – (في خوف) ترى ماذا؟
الوزير – أنهم ... شيء.
الملك – من هم؟!
الوزير – الناس ، المجانين ، إنهم يرموننا بالجنون. ويتهامسون علينا ويتآمرون بنا ، ومهما يكن من
أمرهم وأمر عقلهم فإن الغلبة لهم ، بل إنهم هم وحدهم الذين يملكون الفصل بين العقل والجنون. لأنهم
هم البحر وما نحن إلا حبتان من رمل. أتسمع مني نصحاً يا مولاي؟
الملك – أعرف ما تريد أن تقول.
الوزير – نعم ، هلم نصنع مثلهم ونشرب من ماء النهر!
الملك – (ينظر إلى الوزير ملياً) أيها المسكين! إنك قد شربت! أرى شعاعاً من الجنون يلمع في
عينيك .
الوزير – آلا لم أفعل بعد.
الملك – أصدقني القول.
الوزير – (في قوة) أصدقك القول، إني سأشرب وقد أزمعت أن أصير مجنوناً مثل بقية الناس. إني
أضيق ذرعاً بهذا العقل بينهم .
الملك – تطفىء من رأسك نور العقل بيديك!
الوزير – نور العقل! ما قيمة نور العقل في وسط مملكة من المجانين! ثق أنا لو أصررنا على ما
نحن فيه لا نأمن أن يثبت علينا هؤلاء القوم. إني لأرى في عيونهم فتنة تضطرم ، وأرى أنهم لن
يلبثوا حتى يصيحوا في الطرقات < :الملك ووزيره قد جنا ، فلنخلع المجنونين >!
الملك – ولكنا لسنا بمجنونين!
الوزير – آيف نعلم؟!
6
الملك – ويحك! أتقول جداً؟
الوزير – إنك قد قلتها الساعة يا مولاى! أن المجنون لا يشعر أنه مجنون.
الملك – (صائحاً) ولكني عاقل وهؤلاء الناس مجانين!
الوزير – هم أيضاً يزعمون هذا الزعم .
الملك – وأنت، ألا تعتقد في صحة عقلي؟
الوزير – عقيدتي فيك وحدها ما نفعها؟ إن شهادة مجنون لمجنون لاتغني شيئاً.
الملك – ولكنك تعرف أني لم أشرب قط من ماء النهر.
الوزير – أعرف.
الملك – وأني قد سلمت من الجنون لأني لم أشرب، وأصيب الناس لأنهم شربوا .
الوزير – هم يقولون بأنهم إنما سلموا هم من الجنون لأنهم شربوا وأن الملك إنما جُنّ لأنه لم يشرب.
الملك – عجباً! إنها لصفاقة وجه.
الوزير – هذا قولهم وهم المصدقون، وأما أنت فلن تجد واحداً يصدقك!
الملك – أهكذا يستطيعون أيضاً أن يجترئوا على الحق؟!
الوزير – الحق؟! (يخفي ضحكة)
الملك – أتضحك؟!
الوزير – إن هذه الكلمة منا في هذا الموقف غريبة .
الملك – (في رجفة) لماذا؟
الوزير – الحق والعقل والفضيلة ، آلمات أصبحت ملكاً لهؤلاء الناس أيضاً. وهم وحدهم أصحابها
الآن.
الملك – وأنا؟
الوزير – أنت بمفردك لا تملك منها شيئاً.
(الملك يطرق في تفكير وصمت)
الملك – (يرفع رأسه أخيراً) صدقت إني أرى حياتي لا يمكن أن تدوم على هذا النحو.
الوزير – أجل يا مولاي. وأنه لمن الخير لك أن تعيش مع الملكة والناس في تفاهم وصفاء ، ولو
منحت عقلك من أجل ذلك ثمناً!
الملك – (في تفكير) نعم إن في هذا آل الخير لي. إن الجنون يعطيني رغد العيش مع الملكة والناس
آما تقول. وأما العقل فماذا يعطيني!
الوزير – لاشيء. إنه يجعلك منبوذا من الجميع، مجنوناً في نظر الجميع!
الملك – إذن فمن الجنون أن لا أختار الجنون .
الوزير – هذا عين ما أقول.
الملك – بل إنه لمن العقل أن أوثر الجنون.
الوزير – هذا لا ريب عندي فيه.
الملك – ما الفرق إذن بين العقل والجنون!
الوزير – (وقد بوغت) انتظر... (يفكر لحظة) لست أتبين فرقاً!
الملك – (في عجلة) عليّ بكأس من ماء النهر!
الوزير – المجانين.
الملك – ماذا يقولون؟
الوزير – يزعمون أنهم هم العقلاء وأن الملك والوزير هما المصابان...
الملك – صه! من قال هذا الهراء؟
الوزير – تلك عقيدتهم الآن.
الملك – (في تهكم حزين) نحن المصابان وهم العقلاء..!
أيتها السماء رحماك! إنهم لا يشعرون أنهم قد جنوا.
الوزير – صدقت
الملك – يخيل إليّ أن المجنون لا يشعر أنه مجنون.
الوزير – هذا ما أرى.
الملك – إن الملكة واحسرتاه آانت تحادثني الآن وآأنها تعقل ما تقول. بل لقد آانت تبدي لي الحزن
وتسدي إليّ النصح.
الوزير – نعم، نعم. آذلك صنع بي آل من قابلت من رجال القصر وأهل المدينة.
الملك – أيتها السماء رفقاً بهم!
الوزير – (في تردد) وبنا.
الملك – (متسائلاً في دهش) وبنا؟ !
الوزير – مولاي! إني أريد أن أقول شيئاً.
الملك – (في خوف) تقول ماذا؟
الوزير – إني آدت أرى..
الملك – (في خوف) ترى ماذا؟
الوزير – أنهم ... شيء.
الملك – من هم؟!
الوزير – الناس ، المجانين ، إنهم يرموننا بالجنون. ويتهامسون علينا ويتآمرون بنا ، ومهما يكن من
أمرهم وأمر عقلهم فإن الغلبة لهم ، بل إنهم هم وحدهم الذين يملكون الفصل بين العقل والجنون. لأنهم
هم البحر وما نحن إلا حبتان من رمل. أتسمع مني نصحاً يا مولاي؟
الملك – أعرف ما تريد أن تقول.
الوزير – نعم ، هلم نصنع مثلهم ونشرب من ماء النهر!
الملك – (ينظر إلى الوزير ملياً) أيها المسكين! إنك قد شربت! أرى شعاعاً من الجنون يلمع في
عينيك .
الوزير – آلا لم أفعل بعد.
الملك – أصدقني القول.
الوزير – (في قوة) أصدقك القول، إني سأشرب وقد أزمعت أن أصير مجنوناً مثل بقية الناس. إني
أضيق ذرعاً بهذا العقل بينهم .
الملك – تطفىء من رأسك نور العقل بيديك!
الوزير – نور العقل! ما قيمة نور العقل في وسط مملكة من المجانين! ثق أنا لو أصررنا على ما
نحن فيه لا نأمن أن يثبت علينا هؤلاء القوم. إني لأرى في عيونهم فتنة تضطرم ، وأرى أنهم لن
يلبثوا حتى يصيحوا في الطرقات < :الملك ووزيره قد جنا ، فلنخلع المجنونين >!
الملك – ولكنا لسنا بمجنونين!
الوزير – آيف نعلم؟!
6
الملك – ويحك! أتقول جداً؟
الوزير – إنك قد قلتها الساعة يا مولاى! أن المجنون لا يشعر أنه مجنون.
الملك – (صائحاً) ولكني عاقل وهؤلاء الناس مجانين!
الوزير – هم أيضاً يزعمون هذا الزعم .
الملك – وأنت، ألا تعتقد في صحة عقلي؟
الوزير – عقيدتي فيك وحدها ما نفعها؟ إن شهادة مجنون لمجنون لاتغني شيئاً.
الملك – ولكنك تعرف أني لم أشرب قط من ماء النهر.
الوزير – أعرف.
الملك – وأني قد سلمت من الجنون لأني لم أشرب، وأصيب الناس لأنهم شربوا .
الوزير – هم يقولون بأنهم إنما سلموا هم من الجنون لأنهم شربوا وأن الملك إنما جُنّ لأنه لم يشرب.
الملك – عجباً! إنها لصفاقة وجه.
الوزير – هذا قولهم وهم المصدقون، وأما أنت فلن تجد واحداً يصدقك!
الملك – أهكذا يستطيعون أيضاً أن يجترئوا على الحق؟!
الوزير – الحق؟! (يخفي ضحكة)
الملك – أتضحك؟!
الوزير – إن هذه الكلمة منا في هذا الموقف غريبة .
الملك – (في رجفة) لماذا؟
الوزير – الحق والعقل والفضيلة ، آلمات أصبحت ملكاً لهؤلاء الناس أيضاً. وهم وحدهم أصحابها
الآن.
الملك – وأنا؟
الوزير – أنت بمفردك لا تملك منها شيئاً.
(الملك يطرق في تفكير وصمت)
الملك – (يرفع رأسه أخيراً) صدقت إني أرى حياتي لا يمكن أن تدوم على هذا النحو.
الوزير – أجل يا مولاي. وأنه لمن الخير لك أن تعيش مع الملكة والناس في تفاهم وصفاء ، ولو
منحت عقلك من أجل ذلك ثمناً!
الملك – (في تفكير) نعم إن في هذا آل الخير لي. إن الجنون يعطيني رغد العيش مع الملكة والناس
آما تقول. وأما العقل فماذا يعطيني!
الوزير – لاشيء. إنه يجعلك منبوذا من الجميع، مجنوناً في نظر الجميع!
الملك – إذن فمن الجنون أن لا أختار الجنون .
الوزير – هذا عين ما أقول.
الملك – بل إنه لمن العقل أن أوثر الجنون.
الوزير – هذا لا ريب عندي فيه.
الملك – ما الفرق إذن بين العقل والجنون!
الوزير – (وقد بوغت) انتظر... (يفكر لحظة) لست أتبين فرقاً!
الملك – (في عجلة) عليّ بكأس من ماء النهر!
عدل سابقا من قبل Rasha في الخميس يوليو 01, 2010 10:35 am عدل 1 مرات
الإثنين أبريل 01, 2013 8:40 am من طرف غزوان قهوجي
» غزوان قهوجي
الإثنين أبريل 01, 2013 8:36 am من طرف غزوان قهوجي
» مختبر فضا المسرحي
الأربعاء فبراير 13, 2013 8:44 am من طرف غزوان قهوجي
» مهرجان لمسرح الشباب العربي في بغداد
الجمعة نوفمبر 23, 2012 4:07 am من طرف غزوان قهوجي
» مهيمنات ( السلطة ) وتنويعاتها الإسلوبية في بعض عروض مهرجان بغداد لمسرح الشباب العربي
الجمعة نوفمبر 23, 2012 4:02 am من طرف غزوان قهوجي
» مقالة جميلة عن مولانا
الجمعة نوفمبر 23, 2012 3:50 am من طرف غزوان قهوجي
» خبر عن مشاركة الفرقة في مهرجان بغداد
الجمعة نوفمبر 23, 2012 3:39 am من طرف غزوان قهوجي
» أم سامي
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:10 pm من طرف همسة حب
» حدث في سوريا : دعوى قضائية شد الله !!!!!
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:06 pm من طرف همسة حب
» حكايا طريفة
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:01 pm من طرف همسة حب
» السر بشهر العسل
الإثنين نوفمبر 12, 2012 6:56 pm من طرف همسة حب
» عندما يتفلسف الحمار
الإثنين نوفمبر 12, 2012 6:53 pm من طرف همسة حب
» حكمة : كن نذلا تعيش ملكاً ........!!!
الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 2:44 am من طرف همسة حب
» فــوائـد الـزوجــة الـنـكـديــة
الإثنين نوفمبر 05, 2012 5:21 am من طرف همسة حب
» شو كان لازم يعمل ؟
الإثنين نوفمبر 05, 2012 5:18 am من طرف همسة حب