يتساءل الناقد عبد الناصر حسو في كتابه (مفردات العرض المسرحي) الذي صدر حديثاً عن وزارة الثقافة- الهيئة العامة السورية للكتاب، بأنه منذ سنوات والمسرح السوري يبحث عن حلول للخروج من الأزمة التي طالت المسرح، وكان الأمل معقوداً على جيل من المسرحيين الشباب الذين أحدثوا قطيعة مع الماضي لأسباب قد تكون مبررة وقد لا تكون، فهل يستطيع هذا الجيل أن ينقل المسرح إلى بر الأمان ليتخلص من أزمته؟
ويشير إلى أن القطيعة حدثت في إطار التغييرات الجديدة التي شملت العالم كله بعد انهيار المنظومة الاشتراكية وظهور مفاهيم جديدة مثل العولمة وصراع الحضارات والتلاقح الثقافي، ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان.. ورغم ذلك كان الجيل يتعثر في تجربتين وينجح في واحدة، لكنه لم يشكل ظاهرة مسرحية، إنما ظلت تجارة متفرقة هنا وهناك، تحكمها حماسة الشباب أحياناً، ومعظم الأحيان يسودها التسرع.. وعندما وجد الجيل الجديد نفسه في التجارب الشخصية للتعبير عن همومه وإرهاصاته ومشاكله دون الاهتمام بقضايا الإنسانية الكبرى، ظلت مشاكله وهمومه في إطار الذاتية، وهو ما أدى إلى تجسيد (الأنا) الشخصية دون أن يطول (الهو) الاجتماعي..
هيمنة المخرج
ويؤكد أن المخرج أصبح هو المعد والمؤلف والسينوغرافي، ومعظم الأحيان هو الممثل أيضاً، ويخشى أن يتحول ذات يوم إلى متلق أيضاً، وبذلك أفرزت هذه الحالة ظاهرة المخرج المؤلف، أو ما يسمى بـ (هيمنة المخرج) على الحالة المسرحية.. ومن ثم يذكر حسو أن المتابع للحركة المسرحية يلاحظ من دون صعوبة سيطرة هذا النوع من المخرجين على حالة العروض المسرحية التي هي بالضرورة نصوص معدة، أو مقتبسة، تشكل غالبية العروض، وهذا يؤثر سلباً على الكتابة المسرحية من حيث القيمة والأهمية، ما يؤدي إلى تراجعها..
أهمية الفعل النقدي في المسرح
الفعالية النقدية أو الكتابة عن العروض المسرحية هي فعل واع، من المفترض أن يكون وراءها عقل يمتلك أدواته المعرفية ووسائله التعبيرية، كما أن الكتابة الإخراجية هي أيضاً فعل واع، بعكس الكتابة في الأجناس الأدبية والفنية الأخرى، ويشير حسو إلى أنه من هذا المبدأ يجد أن الكتابة في مجال المسرح تتطلب محاكاة عقلية واعية، تستند إلى أسس علمية ومنهجية..
يشير حسو إلى أن المسرح في سورية مازال أداة تنوير وتطوير للمجتمع، وليس له هوية، فهوية المسرح تحتاج إلى نصوص ترصد واقع الحياة والبيئة المحلية مع تراكم زمني لهذه النصوص، ومعظم الأعمال المسرحية، إن لم نقل جميعها مجزأة في ظل وجود مؤسسة لا تدرك أهمية المسرح والعروض المسرحية وفي ظل غياب الأرشيف الذي يحفظ الذاكرة التراكمية للأعمال المسرحية من التلف.. وإذا كان الفرد بحاجة إلى التواصل مع محيطه الاجتماعي والإنساني، كونه يعيش في هذه المرحلة في جزر منعزلة، فالعرض المسرحي هو أداة هذا التواصل بامتياز في ظل العولمة التي تداهمنا في بيوتنا وحياتنا وتحل ضيفاً ثقيلاً ليس علينا فحسب، بل على مستقبلنا أيضاً، وإذا كانت العولمة في أحد جوانبها السلبية تسعى للقضاء على الهوية والخصوصية المحلية لأي أمة، فمن المؤكد أنها في جانبها الإيجابي تساهم في انتشار المسرح وتبادل الخبرات، من خلال التثاقف والحوار المستمر بين الثقافات والحضارات المتعددة.
محتويات الكتاب ومزاياه
(مفردات العرض المسرحي) يتضمن مجموعة مقالات ومقاربات، ترصد فعاليات العروض المسرحية التي عرضت على خشبات المسارح في دمشق.. وأما عناوينها على التسلسل فهي: الدراماتورجية.. حررت الكتابة المسرحية من الأطر القواعدية، عودة الأسطوري بلبوس الراهن كاليغولا.. البحث عن لحظة الحلم في لغة الجسد، مونودراما «مسخ» مقتبسة من رواية المسخ كافكا: بين لغة الرواية وارتجالات المسرح.. مساحة التعبير، (ميديا) مانويل جيجي: حلول تشكيلية مبتكرة، كسور.. مشاهد بصرية وصمت شفاف، مشهد واحد بين صمت الكلام وعنبر رقم 6، تخاريف مشاهد كاريكاتورية للمواقف الراهنة، كوميديا التطهير: نور العيون وكوميديا الموقف، الحركة.. الرقص الدرامي، رحلة جسد: لحظة جمالية هاربة تكشف البوح الجسدي، لغة الجسد بوصفها أداة للتعبير: العائلة توت، حمام بغدادي، العميان عجز وجودي أم تحديد مواقع الشخصيات، الأيام الحلوة، «معطف» غوغول بين القصة والمسرحية والعرض، بحر الزمن الضائع: بين المشهدية البصرية وحيوية المكان، بيت برناردا آلبا (نساء لوركا).. المرأة تجسيد للإنسان المقهور، بيت الدمى: اختيار ناجح في حركة المسرح التجريبي، الموت والعذراء: أداء شاعري وإحساس داخلي شفيف، عرض «شوكولا» نبش في المسكوت عنه.. بروفة لمسرحة الصورة في المرحلة النهائية، العين والمخرز، ذاكرة فلكلورية في مشاهد بصرية مركبة عالم صغير و«الأنا» البطولية في دوامة التغريب، (الدرس).. تفكيك اللغة ومطاردتها، عشاء عيد ميلاد طويل، عشاء الوداع.. وهذه المقالات والمقاربات كما يصفها صاحبها هي عبارة عن قراءة ثقافية أقرب إلى الدراماتورجية لكنها لا تدعي الدراماتورجية، إنما تسعى للاقتراب من وجهة نظر المسرح في شكله المتطور.. ويشرح حسو ذلك معبراً: أقول إنها قراءة، أو متابعة للعروض المسرحية، قد لا تصل إلى المقاربة الشاملة، لأنها تتعامل مع الفن المسرحي الذي تكون سمته الأساسية، النسبية، والاحتمالية والتأويلية، والتعددية في وجهات النظر.. ويؤكد حسو أنه حاول في هذا الكتاب أن يجمع بين عدد كبير من العروض المسرحية المتفاوتة الاتجاهات، والمختلفة الأجيال، فضلاً عن رأي بعض المخرجين في عروضهم وتعاملهم مع أدواتهم المعرفية والتعبيرية، لتقديم صورة بانورامية واضحة وشاملة عن تاريخ العروض المسرحية التي قدمت في سورية من واقع التجربة المعيشة، ولزرع بذور التطوير والتغيير والتواصل مع الأجيال القادمة.
ويشير إلى أن القطيعة حدثت في إطار التغييرات الجديدة التي شملت العالم كله بعد انهيار المنظومة الاشتراكية وظهور مفاهيم جديدة مثل العولمة وصراع الحضارات والتلاقح الثقافي، ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان.. ورغم ذلك كان الجيل يتعثر في تجربتين وينجح في واحدة، لكنه لم يشكل ظاهرة مسرحية، إنما ظلت تجارة متفرقة هنا وهناك، تحكمها حماسة الشباب أحياناً، ومعظم الأحيان يسودها التسرع.. وعندما وجد الجيل الجديد نفسه في التجارب الشخصية للتعبير عن همومه وإرهاصاته ومشاكله دون الاهتمام بقضايا الإنسانية الكبرى، ظلت مشاكله وهمومه في إطار الذاتية، وهو ما أدى إلى تجسيد (الأنا) الشخصية دون أن يطول (الهو) الاجتماعي..
هيمنة المخرج
ويؤكد أن المخرج أصبح هو المعد والمؤلف والسينوغرافي، ومعظم الأحيان هو الممثل أيضاً، ويخشى أن يتحول ذات يوم إلى متلق أيضاً، وبذلك أفرزت هذه الحالة ظاهرة المخرج المؤلف، أو ما يسمى بـ (هيمنة المخرج) على الحالة المسرحية.. ومن ثم يذكر حسو أن المتابع للحركة المسرحية يلاحظ من دون صعوبة سيطرة هذا النوع من المخرجين على حالة العروض المسرحية التي هي بالضرورة نصوص معدة، أو مقتبسة، تشكل غالبية العروض، وهذا يؤثر سلباً على الكتابة المسرحية من حيث القيمة والأهمية، ما يؤدي إلى تراجعها..
أهمية الفعل النقدي في المسرح
الفعالية النقدية أو الكتابة عن العروض المسرحية هي فعل واع، من المفترض أن يكون وراءها عقل يمتلك أدواته المعرفية ووسائله التعبيرية، كما أن الكتابة الإخراجية هي أيضاً فعل واع، بعكس الكتابة في الأجناس الأدبية والفنية الأخرى، ويشير حسو إلى أنه من هذا المبدأ يجد أن الكتابة في مجال المسرح تتطلب محاكاة عقلية واعية، تستند إلى أسس علمية ومنهجية..
يشير حسو إلى أن المسرح في سورية مازال أداة تنوير وتطوير للمجتمع، وليس له هوية، فهوية المسرح تحتاج إلى نصوص ترصد واقع الحياة والبيئة المحلية مع تراكم زمني لهذه النصوص، ومعظم الأعمال المسرحية، إن لم نقل جميعها مجزأة في ظل وجود مؤسسة لا تدرك أهمية المسرح والعروض المسرحية وفي ظل غياب الأرشيف الذي يحفظ الذاكرة التراكمية للأعمال المسرحية من التلف.. وإذا كان الفرد بحاجة إلى التواصل مع محيطه الاجتماعي والإنساني، كونه يعيش في هذه المرحلة في جزر منعزلة، فالعرض المسرحي هو أداة هذا التواصل بامتياز في ظل العولمة التي تداهمنا في بيوتنا وحياتنا وتحل ضيفاً ثقيلاً ليس علينا فحسب، بل على مستقبلنا أيضاً، وإذا كانت العولمة في أحد جوانبها السلبية تسعى للقضاء على الهوية والخصوصية المحلية لأي أمة، فمن المؤكد أنها في جانبها الإيجابي تساهم في انتشار المسرح وتبادل الخبرات، من خلال التثاقف والحوار المستمر بين الثقافات والحضارات المتعددة.
محتويات الكتاب ومزاياه
(مفردات العرض المسرحي) يتضمن مجموعة مقالات ومقاربات، ترصد فعاليات العروض المسرحية التي عرضت على خشبات المسارح في دمشق.. وأما عناوينها على التسلسل فهي: الدراماتورجية.. حررت الكتابة المسرحية من الأطر القواعدية، عودة الأسطوري بلبوس الراهن كاليغولا.. البحث عن لحظة الحلم في لغة الجسد، مونودراما «مسخ» مقتبسة من رواية المسخ كافكا: بين لغة الرواية وارتجالات المسرح.. مساحة التعبير، (ميديا) مانويل جيجي: حلول تشكيلية مبتكرة، كسور.. مشاهد بصرية وصمت شفاف، مشهد واحد بين صمت الكلام وعنبر رقم 6، تخاريف مشاهد كاريكاتورية للمواقف الراهنة، كوميديا التطهير: نور العيون وكوميديا الموقف، الحركة.. الرقص الدرامي، رحلة جسد: لحظة جمالية هاربة تكشف البوح الجسدي، لغة الجسد بوصفها أداة للتعبير: العائلة توت، حمام بغدادي، العميان عجز وجودي أم تحديد مواقع الشخصيات، الأيام الحلوة، «معطف» غوغول بين القصة والمسرحية والعرض، بحر الزمن الضائع: بين المشهدية البصرية وحيوية المكان، بيت برناردا آلبا (نساء لوركا).. المرأة تجسيد للإنسان المقهور، بيت الدمى: اختيار ناجح في حركة المسرح التجريبي، الموت والعذراء: أداء شاعري وإحساس داخلي شفيف، عرض «شوكولا» نبش في المسكوت عنه.. بروفة لمسرحة الصورة في المرحلة النهائية، العين والمخرز، ذاكرة فلكلورية في مشاهد بصرية مركبة عالم صغير و«الأنا» البطولية في دوامة التغريب، (الدرس).. تفكيك اللغة ومطاردتها، عشاء عيد ميلاد طويل، عشاء الوداع.. وهذه المقالات والمقاربات كما يصفها صاحبها هي عبارة عن قراءة ثقافية أقرب إلى الدراماتورجية لكنها لا تدعي الدراماتورجية، إنما تسعى للاقتراب من وجهة نظر المسرح في شكله المتطور.. ويشرح حسو ذلك معبراً: أقول إنها قراءة، أو متابعة للعروض المسرحية، قد لا تصل إلى المقاربة الشاملة، لأنها تتعامل مع الفن المسرحي الذي تكون سمته الأساسية، النسبية، والاحتمالية والتأويلية، والتعددية في وجهات النظر.. ويؤكد حسو أنه حاول في هذا الكتاب أن يجمع بين عدد كبير من العروض المسرحية المتفاوتة الاتجاهات، والمختلفة الأجيال، فضلاً عن رأي بعض المخرجين في عروضهم وتعاملهم مع أدواتهم المعرفية والتعبيرية، لتقديم صورة بانورامية واضحة وشاملة عن تاريخ العروض المسرحية التي قدمت في سورية من واقع التجربة المعيشة، ولزرع بذور التطوير والتغيير والتواصل مع الأجيال القادمة.
الإثنين أبريل 01, 2013 8:40 am من طرف غزوان قهوجي
» غزوان قهوجي
الإثنين أبريل 01, 2013 8:36 am من طرف غزوان قهوجي
» مختبر فضا المسرحي
الأربعاء فبراير 13, 2013 8:44 am من طرف غزوان قهوجي
» مهرجان لمسرح الشباب العربي في بغداد
الجمعة نوفمبر 23, 2012 4:07 am من طرف غزوان قهوجي
» مهيمنات ( السلطة ) وتنويعاتها الإسلوبية في بعض عروض مهرجان بغداد لمسرح الشباب العربي
الجمعة نوفمبر 23, 2012 4:02 am من طرف غزوان قهوجي
» مقالة جميلة عن مولانا
الجمعة نوفمبر 23, 2012 3:50 am من طرف غزوان قهوجي
» خبر عن مشاركة الفرقة في مهرجان بغداد
الجمعة نوفمبر 23, 2012 3:39 am من طرف غزوان قهوجي
» أم سامي
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:10 pm من طرف همسة حب
» حدث في سوريا : دعوى قضائية شد الله !!!!!
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:06 pm من طرف همسة حب
» حكايا طريفة
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:01 pm من طرف همسة حب
» السر بشهر العسل
الإثنين نوفمبر 12, 2012 6:56 pm من طرف همسة حب
» عندما يتفلسف الحمار
الإثنين نوفمبر 12, 2012 6:53 pm من طرف همسة حب
» حكمة : كن نذلا تعيش ملكاً ........!!!
الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 2:44 am من طرف همسة حب
» فــوائـد الـزوجــة الـنـكـديــة
الإثنين نوفمبر 05, 2012 5:21 am من طرف همسة حب
» شو كان لازم يعمل ؟
الإثنين نوفمبر 05, 2012 5:18 am من طرف همسة حب