الكمبوشة
لون الكلام في الوادي الجديد
د. أبو الحسن سلام
فرجة بالإكراه :
كيف لون الفنانون الصعايدة في الوادي كلام " علي عبد القوي الغلبان " في العرض الذي أخرجه لهم على مسرح ثقافة قنا " مسعد الطنباري " وكيف فهموا تلون كلام الشعب ذلك البحث الذي انتهى فن وجهة نظر المخرج في بحثه عن حاكم جديد إلى ضغط أصحاب الجلاليب البيض القصيرة على الشاب الذي يلح عليه الوزير طوال المسرحية ومنذ بدايتها لكي يقبل الجلوس على كرسي الحكم غير أنه يرفض بإصرار ويطالب الوزر بأن يريه الوزير مثالا واحداً لحاكم صالح ؛ فلا يتمكن الوزير من ذلك حتى مع استعانته بفرقة مشخصاتية تعمل على استرجاع صور للحكام أمام الشاب المرشح للحكم وتشخصها أمامه فإذا بها تشخص صوراً سلبية لحكام منهم الذي يملأ بطنه ويترك شعبه لا يجد قوت يومه ، حتى أنهم يأكلون الجيف والحمير والموتى ومنهم ما كان سفاكاً للدماء ومنهم المتخلف . غير أن الغرابة كل الغرابة في التحول غير المبرر وغير المؤسس على منطق حياتي أو درامي أن يرضخ الشاب المرشح للحكم والرافض لكرسي الحكم بإصرار طوال العرض أن يقبل في نهاية المسرحية بعد أن ضغط عليه أصحاب الجلاليب البيضاء القصيرة والأغرب منه أن يصرّح مخرج العرض ( مسعد الطنباري ) في ندوة العرض أمام جمهور كثيف لعروض مهرجان مسرح الثقافة الجماهيرية بإقليم وسط وجنوب الصعيد يصرح بأنه لم يقصد من تلك النهاية ما فهمه د. أبو الحسن سلاّم في مناقشته للعرض إلى جوار د. صالح سعد والشاعر المسرحي درويش الأسيوطي وما فهمه جمهور المتفرجين ومن حضروا الندوة النقدية لقد لوّن المخرج كلامه في حين أننا لم نلحظ تلويناً لكلام النص بل هو واحد إلى ما قبل النهاية .
خطاب النص :
يناقش علاقة الحاكم بالمحكوم ليكشف عن أن التصدي للحكم مشكلة لا يقبل بها أحد يمتلك عقلاً . طالما جاءته الدعوة من وزير الدولة أي من مسؤول تنفيذي كبير في الدولة ، ولكنه يقبلها إذا جاءته من جماعة تدينية متزمتة لا تلون كلامها .
دلالة الخطاب الدرامي :
فساد كل صور الحكم باستثناء حكم مرشح الجماعات التدينية المتأسلمة .
لذلك اندهش من التصريح بذلك النص في مجتمع فيه من عوامل التزمت ما فيه !!
تقنيات العرض :
المنظر بلا ستار - مدرجات بيضاء تبتلع ثلاثة أرباع الفضاء المسرحي تنتهي بمصطبة بارتفاع متر تقريباً وخلفية لمجمع مساجد مكونة من لوحتين تقومان على تماثل في الصورة ( قبة في مقابل أخرى ومئذنة في مقابل مئذنة أخرى ) والمنظر الخلفي مرسوم على أبلكاج ونصفه يختفي خلف المصطبة والنصف الباقي بطول متر يرتفع خلفها دون مراعاة للنسبة والتناسب في المنظور المسرحي .
كما أن عدم وجود ستار مع فضاء ومدرجات تنتهي بخلفية للمساجد توحي للمتفرج بأن العرض حلقة ذكر أو أمسية شعرية أو أمسية مدائح وأناشيد دينية أو سيرة شعبية . ولكننا لم نر شيئاً من ذلك فخاب أفق توقعاتنا بمشهد مباغت لفرقة مشخصاتية يوظفها وزير تراثي لإقناع شاب عصري بقبول حكم البلاد .
التشويه في المشهد التشخيصي :
مع أن التجسيد الفني للتشويه في الواقع المعيش ؛ لابد وأن يرتكز على جماليات باعتبار أن الصورة المسرحية تمتع قبل أن تقنع ، إلاّ أننا نفاجأ بلوحة التشخيص الأولى في هذا العرض خالية من أي ملمح جمالي . فالحوار يدور طوال الوقت عن بشر يأكلون الحمير والكلاب والجيف والأموات في الوقت الذي يعيش فيه الحاكم حياة الشبع والري . وحركة الممثلين لا فن فيها ولا نسبة ولا تناسب ولا اتزان في التكوين . مع أن من يتصدى للإخراج مطالب بالإلمام بأشكال التكوين وعناصر التماثل ومراكز الثقل في الصورة وبدافعية حركة الممثل بما يتضافر مع دلالات الحوار في تفاعل درامي وجمالي بين لغات الفضاء المسرحي (الكلامية وغير الكلامية ) فمن بداهة الأمور أن يعرف المخرج الذي يتضمن عرضه المسرحي كورس أو مجاميع أن يعرف ما هو التكوين وما هي أنواعه وكيف يوظف كلا منها بحيث ينتج دلالة الصورة التي أرادها المؤلف أو الصورة المعمقة لها أو الصورة المناقضة (المفككة ) لدلالة النص . غير أن شيئاً من ذلك لا يدخل ضمن قاموس مخرج عرض (لون الكلام ) حتى دراميات الإضاءة لا تلوين درامي فيها بل هي ليست ماثلة فيما رأينا ، وإنما الإضاءة (غسيل) أو غنارة ملونة والأداء الصوتي للممثلين زاعق كلون الكلام زائف المشاعر لأنه بلا تلوين شعوري والخط الدرامي للحدث في النص والعرض قائم على عنصر الفرجة بالإكراه . فبطل المسرحية مكره على مشاهدة صور مشخصة للحكام (العيضة) والملوك (المواكب والموالد) ولجنة التحكيم ولجنة النقاد مجبرة على المشاهدة والاستماع لا الفرجة. والجمهور القناوي مجبر على المشاهدة ، حتى أنا الآن مكره على الكتابة عن ذلك العرض. الوحيدون غير المكرهين على تقديم ذلك العرض هم الإدارة التي وافقت على إنتاجه وتقديمه في الوادي الجديد ربما عن قصد بغرض تعميق فكرة العرض وخطابه أو عن عمى بصيرة ولا مبالاة أو عن مجاملة للمخرج الذي لو كان قد قصد ما انتهت إليه دلالة عرضه لكانت مصيبة ولو كان غير قاصد إلى ذلك لكانت المصيبة أعظم
أ . د / أبو الحسن سلاّم
لون الكلام في الوادي الجديد
د. أبو الحسن سلام
فرجة بالإكراه :
كيف لون الفنانون الصعايدة في الوادي كلام " علي عبد القوي الغلبان " في العرض الذي أخرجه لهم على مسرح ثقافة قنا " مسعد الطنباري " وكيف فهموا تلون كلام الشعب ذلك البحث الذي انتهى فن وجهة نظر المخرج في بحثه عن حاكم جديد إلى ضغط أصحاب الجلاليب البيض القصيرة على الشاب الذي يلح عليه الوزير طوال المسرحية ومنذ بدايتها لكي يقبل الجلوس على كرسي الحكم غير أنه يرفض بإصرار ويطالب الوزر بأن يريه الوزير مثالا واحداً لحاكم صالح ؛ فلا يتمكن الوزير من ذلك حتى مع استعانته بفرقة مشخصاتية تعمل على استرجاع صور للحكام أمام الشاب المرشح للحكم وتشخصها أمامه فإذا بها تشخص صوراً سلبية لحكام منهم الذي يملأ بطنه ويترك شعبه لا يجد قوت يومه ، حتى أنهم يأكلون الجيف والحمير والموتى ومنهم ما كان سفاكاً للدماء ومنهم المتخلف . غير أن الغرابة كل الغرابة في التحول غير المبرر وغير المؤسس على منطق حياتي أو درامي أن يرضخ الشاب المرشح للحكم والرافض لكرسي الحكم بإصرار طوال العرض أن يقبل في نهاية المسرحية بعد أن ضغط عليه أصحاب الجلاليب البيضاء القصيرة والأغرب منه أن يصرّح مخرج العرض ( مسعد الطنباري ) في ندوة العرض أمام جمهور كثيف لعروض مهرجان مسرح الثقافة الجماهيرية بإقليم وسط وجنوب الصعيد يصرح بأنه لم يقصد من تلك النهاية ما فهمه د. أبو الحسن سلاّم في مناقشته للعرض إلى جوار د. صالح سعد والشاعر المسرحي درويش الأسيوطي وما فهمه جمهور المتفرجين ومن حضروا الندوة النقدية لقد لوّن المخرج كلامه في حين أننا لم نلحظ تلويناً لكلام النص بل هو واحد إلى ما قبل النهاية .
خطاب النص :
يناقش علاقة الحاكم بالمحكوم ليكشف عن أن التصدي للحكم مشكلة لا يقبل بها أحد يمتلك عقلاً . طالما جاءته الدعوة من وزير الدولة أي من مسؤول تنفيذي كبير في الدولة ، ولكنه يقبلها إذا جاءته من جماعة تدينية متزمتة لا تلون كلامها .
دلالة الخطاب الدرامي :
فساد كل صور الحكم باستثناء حكم مرشح الجماعات التدينية المتأسلمة .
لذلك اندهش من التصريح بذلك النص في مجتمع فيه من عوامل التزمت ما فيه !!
تقنيات العرض :
المنظر بلا ستار - مدرجات بيضاء تبتلع ثلاثة أرباع الفضاء المسرحي تنتهي بمصطبة بارتفاع متر تقريباً وخلفية لمجمع مساجد مكونة من لوحتين تقومان على تماثل في الصورة ( قبة في مقابل أخرى ومئذنة في مقابل مئذنة أخرى ) والمنظر الخلفي مرسوم على أبلكاج ونصفه يختفي خلف المصطبة والنصف الباقي بطول متر يرتفع خلفها دون مراعاة للنسبة والتناسب في المنظور المسرحي .
كما أن عدم وجود ستار مع فضاء ومدرجات تنتهي بخلفية للمساجد توحي للمتفرج بأن العرض حلقة ذكر أو أمسية شعرية أو أمسية مدائح وأناشيد دينية أو سيرة شعبية . ولكننا لم نر شيئاً من ذلك فخاب أفق توقعاتنا بمشهد مباغت لفرقة مشخصاتية يوظفها وزير تراثي لإقناع شاب عصري بقبول حكم البلاد .
التشويه في المشهد التشخيصي :
مع أن التجسيد الفني للتشويه في الواقع المعيش ؛ لابد وأن يرتكز على جماليات باعتبار أن الصورة المسرحية تمتع قبل أن تقنع ، إلاّ أننا نفاجأ بلوحة التشخيص الأولى في هذا العرض خالية من أي ملمح جمالي . فالحوار يدور طوال الوقت عن بشر يأكلون الحمير والكلاب والجيف والأموات في الوقت الذي يعيش فيه الحاكم حياة الشبع والري . وحركة الممثلين لا فن فيها ولا نسبة ولا تناسب ولا اتزان في التكوين . مع أن من يتصدى للإخراج مطالب بالإلمام بأشكال التكوين وعناصر التماثل ومراكز الثقل في الصورة وبدافعية حركة الممثل بما يتضافر مع دلالات الحوار في تفاعل درامي وجمالي بين لغات الفضاء المسرحي (الكلامية وغير الكلامية ) فمن بداهة الأمور أن يعرف المخرج الذي يتضمن عرضه المسرحي كورس أو مجاميع أن يعرف ما هو التكوين وما هي أنواعه وكيف يوظف كلا منها بحيث ينتج دلالة الصورة التي أرادها المؤلف أو الصورة المعمقة لها أو الصورة المناقضة (المفككة ) لدلالة النص . غير أن شيئاً من ذلك لا يدخل ضمن قاموس مخرج عرض (لون الكلام ) حتى دراميات الإضاءة لا تلوين درامي فيها بل هي ليست ماثلة فيما رأينا ، وإنما الإضاءة (غسيل) أو غنارة ملونة والأداء الصوتي للممثلين زاعق كلون الكلام زائف المشاعر لأنه بلا تلوين شعوري والخط الدرامي للحدث في النص والعرض قائم على عنصر الفرجة بالإكراه . فبطل المسرحية مكره على مشاهدة صور مشخصة للحكام (العيضة) والملوك (المواكب والموالد) ولجنة التحكيم ولجنة النقاد مجبرة على المشاهدة والاستماع لا الفرجة. والجمهور القناوي مجبر على المشاهدة ، حتى أنا الآن مكره على الكتابة عن ذلك العرض. الوحيدون غير المكرهين على تقديم ذلك العرض هم الإدارة التي وافقت على إنتاجه وتقديمه في الوادي الجديد ربما عن قصد بغرض تعميق فكرة العرض وخطابه أو عن عمى بصيرة ولا مبالاة أو عن مجاملة للمخرج الذي لو كان قد قصد ما انتهت إليه دلالة عرضه لكانت مصيبة ولو كان غير قاصد إلى ذلك لكانت المصيبة أعظم
أ . د / أبو الحسن سلاّم
الإثنين أبريل 01, 2013 8:40 am من طرف غزوان قهوجي
» غزوان قهوجي
الإثنين أبريل 01, 2013 8:36 am من طرف غزوان قهوجي
» مختبر فضا المسرحي
الأربعاء فبراير 13, 2013 8:44 am من طرف غزوان قهوجي
» مهرجان لمسرح الشباب العربي في بغداد
الجمعة نوفمبر 23, 2012 4:07 am من طرف غزوان قهوجي
» مهيمنات ( السلطة ) وتنويعاتها الإسلوبية في بعض عروض مهرجان بغداد لمسرح الشباب العربي
الجمعة نوفمبر 23, 2012 4:02 am من طرف غزوان قهوجي
» مقالة جميلة عن مولانا
الجمعة نوفمبر 23, 2012 3:50 am من طرف غزوان قهوجي
» خبر عن مشاركة الفرقة في مهرجان بغداد
الجمعة نوفمبر 23, 2012 3:39 am من طرف غزوان قهوجي
» أم سامي
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:10 pm من طرف همسة حب
» حدث في سوريا : دعوى قضائية شد الله !!!!!
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:06 pm من طرف همسة حب
» حكايا طريفة
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:01 pm من طرف همسة حب
» السر بشهر العسل
الإثنين نوفمبر 12, 2012 6:56 pm من طرف همسة حب
» عندما يتفلسف الحمار
الإثنين نوفمبر 12, 2012 6:53 pm من طرف همسة حب
» حكمة : كن نذلا تعيش ملكاً ........!!!
الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 2:44 am من طرف همسة حب
» فــوائـد الـزوجــة الـنـكـديــة
الإثنين نوفمبر 05, 2012 5:21 am من طرف همسة حب
» شو كان لازم يعمل ؟
الإثنين نوفمبر 05, 2012 5:18 am من طرف همسة حب