الحديث عن مسرح الطفل كنوع، له خاصيته ومبادئه وطرائقه، وهو أمر ذو شجون، والسبب في ذلك يعود إلى كونه يحتل حيزاً خاصاً من تفكير المسرحيين، الذين يدركون أهمية هكذا نشاط، على صعيد تنمية المجتمع والفرد على السواء، إذ لا يهم هنا إن كان مسرح صغار للصغار أم مسرح كبار للصغار، فعلى الرغم من الفرق بين الأسلوبين إلا أن ما يوحدهما هو الهدف الذي يسعى إليه الجميع، المتمثل بسعيهم وبحثهم عن دور ما للمسرح الطفلي، قد يكون اجتماعياً أو تربويا، إلى جانب دوره في تكريس المسرح في وجدان الطفل كظاهرة فنية من حقه أن يعتادها، وأن تتكرس بالنسبة لديه كأحد أشكال التعبير المتجهة نحوه، والخارجة منه بذات الوقت، من خلال كونها ترصد واقعه ومشكلاته وحاجاته وتطلعاته نحو المستقبل.
احتضنت خشبة مسرح القباني بدمشق العرض المسرحي، (سرحان في وادي الكسلان)، وهو من إنتاج مديرية المسارح والموسيقا، ومسرح الطفل التابع لها، وهو عرض كبار للصغار، ويتوجه للفئة العمرية الثانية، حيث على الطفل أن يمتلك القدرة على ربط الأحداث وتقييم الأفعال، وتمييز الفروقات الصغيرة بين فكرة وأخرى، من مثل أن يكون للإنسان الجيد والطيب نوازع سلبية وغير منتجة كالكسل مثلا. النص من تأليف نور الدين الهاشمي، أما الإخراج فهو بتوقيع مأمون الرفاعي. حيث تجري الأحداث في الريف الساحلي، بعيداً عن ضوضاء المدينة، وأبطال الحكايا هم أناس بسطاء لدرجة السذاجة.
الحكاية
سرحان فلاح فقير يعيش كفاف يومه من عمله في الزراعة، ولديه زوجة متعاونة تساعده في كل شيء، ولكن من صفات هذا الرجل الكسل، فهو يحب النوم والراحة، ولكن زوجته تسعى دائماً إلى دفعه نحو العمل بشتى الطرق، عبر الحيلة حيناً والإقناع حيناً آخر. وتلجأ أحياناً أخرى للضغط عليه وهو دائم الادعاء بالمرض والتعب، وما إلى ذلك من محاولات تبوء كلها بالفشل، نتيجة الضرورة في تلبية متطلبات الحياة اليومية للأسرة. يقتنع سرحان أخيراً بأهمية أخذ القمح إلى المطحنة لطحنه، ولسبب ما غير مبرر درامياً، يتوجه مع حماره نحو المطحنة من الطريق الجبلي، مع أنه طريق غير ممهد وتشوبه بعض المخاطر، منها الحيوانات المفترسة، واللصوص، بدل السير في الطريق الأسهل والأقرب والأقل عناء. بالطبع ثمة خط درامي آخر في النص، وهو الأحداث التي تجري مع شكيب ولبيب اللصين في الجبل، فهما يقومان بخداع الصياد وسرقة السمكة الكبيرة منه، وعندما يصل سرحان مع حماره مغارتهما، يبدآن بخداعه هو الآخر للحصول على الحمار وكيس القمح، حيث يدعي أحد اللصين بأنه طبيب وتنطلي هذه الخدعة على سرحان ويصدق بأنه مريض، حيث يقنعه اللص بموته بعد خمس عطسات، ويقوم اللص بمحاولات عديدة لجعله يعطس، ويسارع سرحان بالعودة إلى المنزل، ويلحقه أحد اللصين، أما الآخر فعليه التحفظ على الحمار، إلا أن الحمار المشاكس ينجح بالهروب منه، ويتوجه إلى منزل سرحان هو الآخر، وعندما يصل سرحان إلى منزله يحاول النوم واللص خلفه، إذ يجبره بطريقة ما على إتمام العطسات الخمس، وينام ظناً منه أنه ميت، وحينئذ يقوم اللص بسرقة المنزل والهرب نحو الجبل، ومع عودة الزوجة للمنزل ورؤيتها لسرحان وهو يدعي الموت تأتي برجل الشرطة، ويصل الحمار الذي يسارع إلى أخذهم نحو مكان اللصين ويتم القبض عليهما، وتبقى المشكلة بإقناع سرحان بأنه لازال على قيد الحياة، وعلى هذا يتفق الشرطي والزوجة والحمار على خطة لإخراجه من وهمه، وذلك من خلال نفس الداء، أي بإيهامه بأنه يعيش في عالم خيالي فيه أشباح ملونة أو عفاريت، حيث تقوم هذه العفاريت بإقناعه بأنه في وادي الكسلان بطريقة مجازية تخلط الحلم بالواقع، كي يتسنى لسرحان العودة إلى رشده والاقتناع بوجوده بالحياة، وهذا ما كان.
العرض
رغم نجاح بعض الممثلين في إتقان أدوارهم وفهم محتواها، كالممثل زهير بقاعي الذي قام بدور سرحان، وتاج الدين ضيف الله ومحمد خير أبو حسون في دور اللصين، إضافة للديكور المتحرك الذين نجح أيضا زهير العربي في جعله بسيطاً ومطواعاً، كي يتناسب وتغيير المشاهد المتكرر، إلا أن العرض عانى من بعض الهنات الفنية التي يتحمل المخرج مأمون الرفاعي وزر عدم معالجتها بالشكل الأمثل، ومنها الصراخ المبالغ به بالنسبة لبعض الممثلين الذين نذكر منهم محمد خير أبو حسون، وخوشناف ظاظا الذي قام بدور الحمار، يضاف إلى ذلك التشتت الذي شاب بعض المشاهد، من خلال عدم الانسجام في علاقة الممثل مع الآخر، حيث بدا الأمر أحياناً وكأن كل ممثل يعمل لوحده، وهذا ما أثر سلبياً على مستوى التلقي لدى الأطفال، وأثر أيضا على فنية العرض. ففي مشهد القبض على اللصين على سبيل المثال، يواجهنا ارتباك من قبل جماعة الممثلين، فقد تواجه فيه سبعة ممثلين دفعة واحدة، وكان العنوان الرئيسي للمشهد هو اكتشاف أمر خداعهما للناس البسطاء من قبل الشرطي، ولكن كثافة المواقف الفردية في هذا المشهد، والتي كان مصدرها تورط اللصين مع الجميع، فرض طريقة توزيع للميزانسين أكثر حرفية ومرونة مما كان، كي يتسنى لكل شخصية على حدة أن تأخذ دورها في إنماء الموقف الحاصل، وفي التعبير عن ذاتها، بدل أن يبدو الأمر وكأنه محاولة للتخلص من هذا المشهد بسرعة، دون اعتبار لمنطقه الخاص، رغم كونه جزءاً من كل، فالتقطيع الذي اعتمده المخرج لحركة الممثلين على الخشبة ولحواراتهم، احتاج لجهد إضافي من قبله، لتحقيق الانسجام بين الجميع. ولكن ورغم ذلك فإن المشهدية العامة للعرض احتوت على بعض الجماليات البصرية، التي ساهمت عناصر المسرحة المختلفة في تدعيمها.
احتضنت خشبة مسرح القباني بدمشق العرض المسرحي، (سرحان في وادي الكسلان)، وهو من إنتاج مديرية المسارح والموسيقا، ومسرح الطفل التابع لها، وهو عرض كبار للصغار، ويتوجه للفئة العمرية الثانية، حيث على الطفل أن يمتلك القدرة على ربط الأحداث وتقييم الأفعال، وتمييز الفروقات الصغيرة بين فكرة وأخرى، من مثل أن يكون للإنسان الجيد والطيب نوازع سلبية وغير منتجة كالكسل مثلا. النص من تأليف نور الدين الهاشمي، أما الإخراج فهو بتوقيع مأمون الرفاعي. حيث تجري الأحداث في الريف الساحلي، بعيداً عن ضوضاء المدينة، وأبطال الحكايا هم أناس بسطاء لدرجة السذاجة.
الحكاية
سرحان فلاح فقير يعيش كفاف يومه من عمله في الزراعة، ولديه زوجة متعاونة تساعده في كل شيء، ولكن من صفات هذا الرجل الكسل، فهو يحب النوم والراحة، ولكن زوجته تسعى دائماً إلى دفعه نحو العمل بشتى الطرق، عبر الحيلة حيناً والإقناع حيناً آخر. وتلجأ أحياناً أخرى للضغط عليه وهو دائم الادعاء بالمرض والتعب، وما إلى ذلك من محاولات تبوء كلها بالفشل، نتيجة الضرورة في تلبية متطلبات الحياة اليومية للأسرة. يقتنع سرحان أخيراً بأهمية أخذ القمح إلى المطحنة لطحنه، ولسبب ما غير مبرر درامياً، يتوجه مع حماره نحو المطحنة من الطريق الجبلي، مع أنه طريق غير ممهد وتشوبه بعض المخاطر، منها الحيوانات المفترسة، واللصوص، بدل السير في الطريق الأسهل والأقرب والأقل عناء. بالطبع ثمة خط درامي آخر في النص، وهو الأحداث التي تجري مع شكيب ولبيب اللصين في الجبل، فهما يقومان بخداع الصياد وسرقة السمكة الكبيرة منه، وعندما يصل سرحان مع حماره مغارتهما، يبدآن بخداعه هو الآخر للحصول على الحمار وكيس القمح، حيث يدعي أحد اللصين بأنه طبيب وتنطلي هذه الخدعة على سرحان ويصدق بأنه مريض، حيث يقنعه اللص بموته بعد خمس عطسات، ويقوم اللص بمحاولات عديدة لجعله يعطس، ويسارع سرحان بالعودة إلى المنزل، ويلحقه أحد اللصين، أما الآخر فعليه التحفظ على الحمار، إلا أن الحمار المشاكس ينجح بالهروب منه، ويتوجه إلى منزل سرحان هو الآخر، وعندما يصل سرحان إلى منزله يحاول النوم واللص خلفه، إذ يجبره بطريقة ما على إتمام العطسات الخمس، وينام ظناً منه أنه ميت، وحينئذ يقوم اللص بسرقة المنزل والهرب نحو الجبل، ومع عودة الزوجة للمنزل ورؤيتها لسرحان وهو يدعي الموت تأتي برجل الشرطة، ويصل الحمار الذي يسارع إلى أخذهم نحو مكان اللصين ويتم القبض عليهما، وتبقى المشكلة بإقناع سرحان بأنه لازال على قيد الحياة، وعلى هذا يتفق الشرطي والزوجة والحمار على خطة لإخراجه من وهمه، وذلك من خلال نفس الداء، أي بإيهامه بأنه يعيش في عالم خيالي فيه أشباح ملونة أو عفاريت، حيث تقوم هذه العفاريت بإقناعه بأنه في وادي الكسلان بطريقة مجازية تخلط الحلم بالواقع، كي يتسنى لسرحان العودة إلى رشده والاقتناع بوجوده بالحياة، وهذا ما كان.
العرض
رغم نجاح بعض الممثلين في إتقان أدوارهم وفهم محتواها، كالممثل زهير بقاعي الذي قام بدور سرحان، وتاج الدين ضيف الله ومحمد خير أبو حسون في دور اللصين، إضافة للديكور المتحرك الذين نجح أيضا زهير العربي في جعله بسيطاً ومطواعاً، كي يتناسب وتغيير المشاهد المتكرر، إلا أن العرض عانى من بعض الهنات الفنية التي يتحمل المخرج مأمون الرفاعي وزر عدم معالجتها بالشكل الأمثل، ومنها الصراخ المبالغ به بالنسبة لبعض الممثلين الذين نذكر منهم محمد خير أبو حسون، وخوشناف ظاظا الذي قام بدور الحمار، يضاف إلى ذلك التشتت الذي شاب بعض المشاهد، من خلال عدم الانسجام في علاقة الممثل مع الآخر، حيث بدا الأمر أحياناً وكأن كل ممثل يعمل لوحده، وهذا ما أثر سلبياً على مستوى التلقي لدى الأطفال، وأثر أيضا على فنية العرض. ففي مشهد القبض على اللصين على سبيل المثال، يواجهنا ارتباك من قبل جماعة الممثلين، فقد تواجه فيه سبعة ممثلين دفعة واحدة، وكان العنوان الرئيسي للمشهد هو اكتشاف أمر خداعهما للناس البسطاء من قبل الشرطي، ولكن كثافة المواقف الفردية في هذا المشهد، والتي كان مصدرها تورط اللصين مع الجميع، فرض طريقة توزيع للميزانسين أكثر حرفية ومرونة مما كان، كي يتسنى لكل شخصية على حدة أن تأخذ دورها في إنماء الموقف الحاصل، وفي التعبير عن ذاتها، بدل أن يبدو الأمر وكأنه محاولة للتخلص من هذا المشهد بسرعة، دون اعتبار لمنطقه الخاص، رغم كونه جزءاً من كل، فالتقطيع الذي اعتمده المخرج لحركة الممثلين على الخشبة ولحواراتهم، احتاج لجهد إضافي من قبله، لتحقيق الانسجام بين الجميع. ولكن ورغم ذلك فإن المشهدية العامة للعرض احتوت على بعض الجماليات البصرية، التي ساهمت عناصر المسرحة المختلفة في تدعيمها.
الإثنين أبريل 01, 2013 8:40 am من طرف غزوان قهوجي
» غزوان قهوجي
الإثنين أبريل 01, 2013 8:36 am من طرف غزوان قهوجي
» مختبر فضا المسرحي
الأربعاء فبراير 13, 2013 8:44 am من طرف غزوان قهوجي
» مهرجان لمسرح الشباب العربي في بغداد
الجمعة نوفمبر 23, 2012 4:07 am من طرف غزوان قهوجي
» مهيمنات ( السلطة ) وتنويعاتها الإسلوبية في بعض عروض مهرجان بغداد لمسرح الشباب العربي
الجمعة نوفمبر 23, 2012 4:02 am من طرف غزوان قهوجي
» مقالة جميلة عن مولانا
الجمعة نوفمبر 23, 2012 3:50 am من طرف غزوان قهوجي
» خبر عن مشاركة الفرقة في مهرجان بغداد
الجمعة نوفمبر 23, 2012 3:39 am من طرف غزوان قهوجي
» أم سامي
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:10 pm من طرف همسة حب
» حدث في سوريا : دعوى قضائية شد الله !!!!!
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:06 pm من طرف همسة حب
» حكايا طريفة
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:01 pm من طرف همسة حب
» السر بشهر العسل
الإثنين نوفمبر 12, 2012 6:56 pm من طرف همسة حب
» عندما يتفلسف الحمار
الإثنين نوفمبر 12, 2012 6:53 pm من طرف همسة حب
» حكمة : كن نذلا تعيش ملكاً ........!!!
الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 2:44 am من طرف همسة حب
» فــوائـد الـزوجــة الـنـكـديــة
الإثنين نوفمبر 05, 2012 5:21 am من طرف همسة حب
» شو كان لازم يعمل ؟
الإثنين نوفمبر 05, 2012 5:18 am من طرف همسة حب