مهرجان الشباب المسرحي الثالث تنافس مثير وعروض أرضت الجمهور(الثورة)
ملحق ثقافي
20/5/2008م
جوان جان
للعام الثالث على التوالي يقام مهرجان الشباب المسرحي الذي طرح نفسه منذ دورته الأولى في إدلب 2006 كشريان أساسي من شرايين الفعاليات المسرحية الشبابية في سورية .
وتأتي الدورة الثالثة من المهرجان الذي أقامته مديرية المسارح بالتعاون مع محافظة دمشق لتؤكد أن القائمين عليه مصممون على المضي به كواحد من المهرجانات المسرحية الأساسية، ويمكن القول إن الدورة الثالثة قد حققت أكثر من إنجاز، ربما كان من أهمها ارتفاع مستوى العروض المسرحية عن الدورة السابقة، الأمر الذي يعني أن الفرق المسرحية أضحت أكثر وعياً بأهمية المهرجان ودوره في لفت الأنظار إلى مسارح وفرق بحاجة إلى المزيد من إلقاء الضوء عليها، وبالإضافة إلى ذلك يمكن اعتبار دعوة فرقتين مسرحيتين عربيتين من تونس ولبنان للمشاركة في فئة العروض الموازية –خارج المسابقة- خطوة أخرى إلى الأمام، وكانت فئة العروض الموازية قد ضمت خمسة عروض مسرحية للمخرجين تمّام العواني وياسر دريباتي ولاوند هاجو بالإضافة إلى الفرقتين العربيتين . افتتح المهرجان بعرض مسرحي بعنوان “من هناك إلى هنا” أعدته رغدة الشعراني وكفاح الخوص عن نص للقباني وأخرجه شادي مقرش . في اليوم الثاني قدم المخرج رائد مشرف مسرحية بعنوان “هوامش” لفرقة المسرح الجامعي بدمشق أعدّها زهير بقاعي عن أكثر من قصة قصيرة لتشيخوف
في “هوامش” كسر المخرج الأسلوب التقليدي في تقديم هذا النوع من العروض المعتمد على أكثر من مصدر وهي الطريقة التي تقول بتقديم المشاهد وبالتالي القصص تباعاً دون أن يكون هناك رابط مباشر بينها، لكن المخرج هنا أراد أن يقدم مختاراته القصصية ضمن قالب صيغ بشكل لافت للانتباه . مال أداء الشخصيات في معظم المشاهد نحو تضخيم الحالة الانفعالية وأخذها إلى أقصاها، وقد أجاد الفنان زهير بقاعي في أداء دور رب الأسرة وتقديمها بشكل لا يدعو إلى التعاطف معها بقدر ما يدعو إلى رثائها، بل وإدانتها على ضعفها، الأمر الذي رشحه للمنافسة على جائزة أفضل ممثل في المهرجان . في اليوم الثالث عُقِدت أولى ندوات المهرجان وكانت مع الفنانة منى واصف التي تحدثت عن تاريخها المسرحي ابتداء من عملها في المسرح العسكري وحتى آخر مسرحياتها في المسرح القومي. في نفس اليوم قدمت فرقة المسرح الشبيبي في طرطوس مسرحية “كلب الآغا” وهي إحدى المسرحيات التي كتبها ممدوح عدوان في سنواته الأخيرة، وهي على الرغم من بساطة موضوعها إلا أن المتمعّن فيه يدرك عمق الطرح وقابليته للتكرار بشكل دائم ومستمر . تميز تجسيد النص على الخشبة بكثير من البساطة والصدق في نقل بيئة الحدث وفطرية شخصياته وبساطتهم، وكانت الخطوة الأهم هي تقديم العمل بالعامية التي أضفت عليه المزيد من المصداقية في التعامل مع أحداث المسرحية المتلاحقة وهي الأحداث التي تعتمد على رد فعل ما يجري على خشبة المسرح على ما يدور خارج الخشبة وما يأتي من أنباء بلغت حد التناقض.. وكانت الخطوة الهامة الثانية تقديم الشخصيات بخصوصيات كل منها لا كنسخ متعددة عن شخصية واحدة تتصرف نفس التصرفات وتسلك نفس السلوك، أما الخطوة الثالثة فكانت التأكيد على الجو القروي من خلال مفردات الأغنية والرقص الشعبي.. وقد اجتمعت هذه العوامل لتكون في صالح منح مخرجَي العمل محسن عباس ودانيال الخطيب جائزة أفضل إخراج في المهرجان.
حمل رابع أيام المهرجان معه تحولاً ملحوظاً في أسلوب تقديم العرض المسرحي، فمن السخرية المرة إلى عمل مغرق في جديته حمل عنوان “بلا عنوان” لفرقة ماريونيت الدمشقية . اعتمد العرض الذي كتبه وأخرجه ومثّله كمال بدر وطلال لبابيدي على مجموعة من الحوارات والمشاهد المتتالية والمتصلة وذات الطابع الفكري بعيداً عن روح المادة الدرامية، فكانت الهيمنة مطلقة للجانب الجدلي على الجانب الدرامي، مع وجود محاولة جادة للاستفادة مما تقدمه عناصر الإضاءة والمؤثرات الصوتية . بعد العرض أقيم حوار مفتوح بين السيد وزير الثقافة والفرق المشاركة تم فيه طرح عدد من القضايا التي تهم المسرحيين وقد اتسم الحوار الذي امتد لأكثر من ثلاث ساعات بالجدية والصراحة . في اليوم الخامس أقيمت ندوة “دور وسائل الإعلام في دعم وتطوير مسارح الشباب” أدارها بهدوء وحِرَفية أ.سعد القاسم وشارك فيها الإعلاميون : هيام حموي، أحمد تيناوي، لينا إدلبي، علي الراعي، فاديا أبو زيد، أمينة عباس وتمت في هذه الندوة مناقشة مختلف القضايا المحيطة بموضوع الندوة والعقبات التي قد تقف في وجه وجود حالة مثالية للاهتمام الإعلامي بمسارح الشباب. وقدمت فرقة مديرية الثقافة بحمص عملاً مسرحياً بعنوان “شوباش” تأليف هشام كفارنة وإخراج حسين ناصر، وهو يدور في أجواء طقسية صوفية، شبيهة إلى حد ما بالأجواء التي يقدمها النص المسرحي “مقام ابراهيم وصفية” لوليد إخلاصي . حفل العرض بالعديد من المشاهد المعتمدة على الكشف عن دواخل الشخصيات وما يعتمل في صدورها من مشاعر قد تدفعها لاتخاذ مواقف غاية في التطرف، وبنفس الوقت حفلت تلك المشاهد بالصور الحسية ذات الطابع الجمالي الذي ساهم بشكل جزئي في التستر على ضعف النص الفقير درامياً بشكل ملموس . من الواضح أن الممثلين المشاركين في العرض قد وعوا تماماً الطبيعة الخاصة لهذا العمل فكانوا على درجة عالية من الانسجام مع أجوائه التي أعطوها حقها أداءً رصيناً وجاداً، وفي هذا السياق كان ترشيح الممثلة وعد الجردي لجائزة أفضل ممثلة أمراً مسوغاً. في سادس أيام المهرجان عُقٍِدت ندوة خاصة بالفنان زيناتي قدسية أدارها بتوازن ورصانة د.عجاج سليم . وقدمت مجموعة مسرحية أكاديمية تحت مسمى “فرقة مسرح التكوين” من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية بأقسامه المختلفة عملاً مسرحياً هاماً ببساطته وبأفكاره القائمة على الصياغة المشتركة للنص الغني بنماذج من الشخصيات التي تستحق كل واحدة منها أن يُفرَد لها حيز أوسع من المعالجة، إلى درجة يمكن القول فيها إن كل شخصية من شخصيات المسرحية يمكن أن تكون بطلة لعمل مونودرامي من طراز جيد . المسرحية أخرجها عدنان أزروني الذي زج في عمله بمجموعة من الشخصيات التي تلتقي في مكان واحد لتصيغ لنا واقعاً أليماً وطريفاً في الوقت ذاته، وهذا الواقع يعبث بشخصياته ويحدد توجهاتها ويضغط عليها ليحصرها في زوايا لا تستطيع بعدها الفكاك منها .
اعتمد الممثلون في صياغة شخصياتهم على إغنائها بحزمة من التفاصيل التي ألقت بقع ضوء على ماضي كل شخصية ومدى ما تعرضت له من آلام ومعاناة، وإذا كانت الدوائر المطلوبة للإحاطة بالشخصيات من كافة جهاتها لم تُغلَق فإن محاولة الاجتهاد في إغلاق هذه الدوائر وإن لم تكن قد حققت نجاحاً مطلقاً فإن شرف المحاولة يكفيها في خضم تجربة صعبة قائمة على التأليف المشترك الذي يتطلب انسجاماً تاماً ما بين مجموعة العمل كي تكون النتائج بمستوى الطموحات . ويبقى أن نذكر أن الممثلة لينا أحمد التي أدت دور الخادمة قد تمكنت من أن تنال جائزة أفضل ممثلة في المهرجان كما تم ترشيح العمل للمنافسة على جائزة أفضل عرض . وعن نص للراحل محمد الماغوط بعنوان “المهرج” قدم المخرج الشاب غزوان قهوجي من خلال فرقة المسرح الشبيبي بدمشق مسرحية قائمة على مبدأ الفرجة التي لا تنحي المضمون جانباً، بل تستفيد من كل جزئياته لخدمة الهدف العام للعمل وهو الوصول إلى المشاهِد بأيسر السبل وأبسط الوسائل، ويمكن القول إن الجهد الإخراجي المبذول في رسم مشهدية العرض تمكّن من أن يقدم لمشاهديه لوحة فنية آسرة، تعيد مفهوم العرض المسرحي إلى سكته، هذا المفهوم الذي تعرّض في السنوات الفائتة إلى الكثير من الهزات إلى درجة أضحى معها متجرداً من أي مقياس وبعيداً عن الذائقة الفنية التي تنأى عن القبح وترنو باتجاه الجمال . تجلت رشاقة العمل في انتقاله حدثاً في الزمان والمكان دون تعقيدات، واتسم أداء الممثلين بالانسجام وروح فريق العمل الواحد، وهو الأمر الذي أدى –بالإضافة إلى إمكانيات فردية لا لبس فيها- إلى بروز الفنان عثمان أبو العمرين جبريل الذي حاز على جائزة أفضل ممثل في المهرجان، كما تمكن العمل وبجدارة من انتزاع جائزة أفضل عرض . فرقة المسرح الجامعي في الحسكة قدمت من جهتها العمل المسرحي “بقايا رجل.. ظل امرأة” إعداد وإخراج اسماعيل خلف عن نص مونودرامي للكاتب الراحل ممدوح عدوان بعنوان “حال الدنيا” . تركّز إعداد المخرج للنص بشكل أساسي على تحويله من عمل يقدم شخصية واحدة ويقدم الحدث من وجهة نظرها فقط إلى عمل يقدم شخصيتين تحاول كل واحدة منهما أن تطرح وجهة نظرها تجاه الحالة التي تفترضها المسرحية المعدّة وهي عودة شخصية الزوجة المتوفاة من خلال خيال زوجها الذي تكشف الحوارات المتتالية عن تورطّه غير المباشر في وفاتها عبر عدد من عمليات الإهمال المتعمّد لها وهي في ذروة مرضها . آخر عروض المسابقة فكانت مسرحية “أماديوس” لفرقة مديرية الثقافة في حماة تأليف بيتر شافر إخراج يوسف شموط . يتحدث العمل عن الموسيقي العالمي الشهير موزارت في صراعه لإثبات وجوده وموهبته، وهو صراع يفترضه النص المسرحي الذي لا يمكن أن يشكل وثيقة تاريخية بقدر ما يمكن أن يشكل وجهة نظر فكرية وفنية في الموضوع المطروق، وهي وجهة نظر منطقية –كما قدمها العرض- بل وأكثر من ذلك فهي يمكن أن تكون قابلة للتكرار في أكثر من زمان ومكان . كانت مهمة الممثلين صعبة ولا شك وهم يؤدون شخصيات بعيدة عنهم تماماً لا على الصعيد المكاني والزماني فحسب بل وعلى صعيد أسلوب التفكير وردات الفعل، وقد تميز من المجموعة الممثل علي علواني الذي نافس على جائزة أفضل ممثل . واختتم المهرجان بتكريم كوكبة من الفنانين والكتّاب المسرحيين، حيث قام الأستاذ محمد تركي السيد معاون وزير الثقافة بتكريم الأساتذة : د.حمدي موصللي، وليد عمر، محمد شيخ الزور، سمير إيشوع، محمد بري العواني، بالإضافة إلى الفنان نزار أبو حجر كإداري سابق في مديرية المسارح والمصور الفوتوغرافي في المديرية وصاحب الأرشيف الغني أنور أندراوس، كما تم توزيع جوائز المهرجان التي أعلنتها لجنة تحكيم تألفت من د.نبيل الحفار، د.محمد قارصلي، الفنانة جيانا عيد، الفنان أسامة السيد يوسف، جوان جان وكان مسك الختام مع مسرحية “سهرة مع أبي خليل القباني” تأليف سعد اللـه ونوس إخراج وليد عمر .مفقودات
ملحق ثقافي
20/5/2008م
جوان جان
للعام الثالث على التوالي يقام مهرجان الشباب المسرحي الذي طرح نفسه منذ دورته الأولى في إدلب 2006 كشريان أساسي من شرايين الفعاليات المسرحية الشبابية في سورية .
وتأتي الدورة الثالثة من المهرجان الذي أقامته مديرية المسارح بالتعاون مع محافظة دمشق لتؤكد أن القائمين عليه مصممون على المضي به كواحد من المهرجانات المسرحية الأساسية، ويمكن القول إن الدورة الثالثة قد حققت أكثر من إنجاز، ربما كان من أهمها ارتفاع مستوى العروض المسرحية عن الدورة السابقة، الأمر الذي يعني أن الفرق المسرحية أضحت أكثر وعياً بأهمية المهرجان ودوره في لفت الأنظار إلى مسارح وفرق بحاجة إلى المزيد من إلقاء الضوء عليها، وبالإضافة إلى ذلك يمكن اعتبار دعوة فرقتين مسرحيتين عربيتين من تونس ولبنان للمشاركة في فئة العروض الموازية –خارج المسابقة- خطوة أخرى إلى الأمام، وكانت فئة العروض الموازية قد ضمت خمسة عروض مسرحية للمخرجين تمّام العواني وياسر دريباتي ولاوند هاجو بالإضافة إلى الفرقتين العربيتين . افتتح المهرجان بعرض مسرحي بعنوان “من هناك إلى هنا” أعدته رغدة الشعراني وكفاح الخوص عن نص للقباني وأخرجه شادي مقرش . في اليوم الثاني قدم المخرج رائد مشرف مسرحية بعنوان “هوامش” لفرقة المسرح الجامعي بدمشق أعدّها زهير بقاعي عن أكثر من قصة قصيرة لتشيخوف
في “هوامش” كسر المخرج الأسلوب التقليدي في تقديم هذا النوع من العروض المعتمد على أكثر من مصدر وهي الطريقة التي تقول بتقديم المشاهد وبالتالي القصص تباعاً دون أن يكون هناك رابط مباشر بينها، لكن المخرج هنا أراد أن يقدم مختاراته القصصية ضمن قالب صيغ بشكل لافت للانتباه . مال أداء الشخصيات في معظم المشاهد نحو تضخيم الحالة الانفعالية وأخذها إلى أقصاها، وقد أجاد الفنان زهير بقاعي في أداء دور رب الأسرة وتقديمها بشكل لا يدعو إلى التعاطف معها بقدر ما يدعو إلى رثائها، بل وإدانتها على ضعفها، الأمر الذي رشحه للمنافسة على جائزة أفضل ممثل في المهرجان . في اليوم الثالث عُقِدت أولى ندوات المهرجان وكانت مع الفنانة منى واصف التي تحدثت عن تاريخها المسرحي ابتداء من عملها في المسرح العسكري وحتى آخر مسرحياتها في المسرح القومي. في نفس اليوم قدمت فرقة المسرح الشبيبي في طرطوس مسرحية “كلب الآغا” وهي إحدى المسرحيات التي كتبها ممدوح عدوان في سنواته الأخيرة، وهي على الرغم من بساطة موضوعها إلا أن المتمعّن فيه يدرك عمق الطرح وقابليته للتكرار بشكل دائم ومستمر . تميز تجسيد النص على الخشبة بكثير من البساطة والصدق في نقل بيئة الحدث وفطرية شخصياته وبساطتهم، وكانت الخطوة الأهم هي تقديم العمل بالعامية التي أضفت عليه المزيد من المصداقية في التعامل مع أحداث المسرحية المتلاحقة وهي الأحداث التي تعتمد على رد فعل ما يجري على خشبة المسرح على ما يدور خارج الخشبة وما يأتي من أنباء بلغت حد التناقض.. وكانت الخطوة الهامة الثانية تقديم الشخصيات بخصوصيات كل منها لا كنسخ متعددة عن شخصية واحدة تتصرف نفس التصرفات وتسلك نفس السلوك، أما الخطوة الثالثة فكانت التأكيد على الجو القروي من خلال مفردات الأغنية والرقص الشعبي.. وقد اجتمعت هذه العوامل لتكون في صالح منح مخرجَي العمل محسن عباس ودانيال الخطيب جائزة أفضل إخراج في المهرجان.
حمل رابع أيام المهرجان معه تحولاً ملحوظاً في أسلوب تقديم العرض المسرحي، فمن السخرية المرة إلى عمل مغرق في جديته حمل عنوان “بلا عنوان” لفرقة ماريونيت الدمشقية . اعتمد العرض الذي كتبه وأخرجه ومثّله كمال بدر وطلال لبابيدي على مجموعة من الحوارات والمشاهد المتتالية والمتصلة وذات الطابع الفكري بعيداً عن روح المادة الدرامية، فكانت الهيمنة مطلقة للجانب الجدلي على الجانب الدرامي، مع وجود محاولة جادة للاستفادة مما تقدمه عناصر الإضاءة والمؤثرات الصوتية . بعد العرض أقيم حوار مفتوح بين السيد وزير الثقافة والفرق المشاركة تم فيه طرح عدد من القضايا التي تهم المسرحيين وقد اتسم الحوار الذي امتد لأكثر من ثلاث ساعات بالجدية والصراحة . في اليوم الخامس أقيمت ندوة “دور وسائل الإعلام في دعم وتطوير مسارح الشباب” أدارها بهدوء وحِرَفية أ.سعد القاسم وشارك فيها الإعلاميون : هيام حموي، أحمد تيناوي، لينا إدلبي، علي الراعي، فاديا أبو زيد، أمينة عباس وتمت في هذه الندوة مناقشة مختلف القضايا المحيطة بموضوع الندوة والعقبات التي قد تقف في وجه وجود حالة مثالية للاهتمام الإعلامي بمسارح الشباب. وقدمت فرقة مديرية الثقافة بحمص عملاً مسرحياً بعنوان “شوباش” تأليف هشام كفارنة وإخراج حسين ناصر، وهو يدور في أجواء طقسية صوفية، شبيهة إلى حد ما بالأجواء التي يقدمها النص المسرحي “مقام ابراهيم وصفية” لوليد إخلاصي . حفل العرض بالعديد من المشاهد المعتمدة على الكشف عن دواخل الشخصيات وما يعتمل في صدورها من مشاعر قد تدفعها لاتخاذ مواقف غاية في التطرف، وبنفس الوقت حفلت تلك المشاهد بالصور الحسية ذات الطابع الجمالي الذي ساهم بشكل جزئي في التستر على ضعف النص الفقير درامياً بشكل ملموس . من الواضح أن الممثلين المشاركين في العرض قد وعوا تماماً الطبيعة الخاصة لهذا العمل فكانوا على درجة عالية من الانسجام مع أجوائه التي أعطوها حقها أداءً رصيناً وجاداً، وفي هذا السياق كان ترشيح الممثلة وعد الجردي لجائزة أفضل ممثلة أمراً مسوغاً. في سادس أيام المهرجان عُقٍِدت ندوة خاصة بالفنان زيناتي قدسية أدارها بتوازن ورصانة د.عجاج سليم . وقدمت مجموعة مسرحية أكاديمية تحت مسمى “فرقة مسرح التكوين” من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية بأقسامه المختلفة عملاً مسرحياً هاماً ببساطته وبأفكاره القائمة على الصياغة المشتركة للنص الغني بنماذج من الشخصيات التي تستحق كل واحدة منها أن يُفرَد لها حيز أوسع من المعالجة، إلى درجة يمكن القول فيها إن كل شخصية من شخصيات المسرحية يمكن أن تكون بطلة لعمل مونودرامي من طراز جيد . المسرحية أخرجها عدنان أزروني الذي زج في عمله بمجموعة من الشخصيات التي تلتقي في مكان واحد لتصيغ لنا واقعاً أليماً وطريفاً في الوقت ذاته، وهذا الواقع يعبث بشخصياته ويحدد توجهاتها ويضغط عليها ليحصرها في زوايا لا تستطيع بعدها الفكاك منها .
اعتمد الممثلون في صياغة شخصياتهم على إغنائها بحزمة من التفاصيل التي ألقت بقع ضوء على ماضي كل شخصية ومدى ما تعرضت له من آلام ومعاناة، وإذا كانت الدوائر المطلوبة للإحاطة بالشخصيات من كافة جهاتها لم تُغلَق فإن محاولة الاجتهاد في إغلاق هذه الدوائر وإن لم تكن قد حققت نجاحاً مطلقاً فإن شرف المحاولة يكفيها في خضم تجربة صعبة قائمة على التأليف المشترك الذي يتطلب انسجاماً تاماً ما بين مجموعة العمل كي تكون النتائج بمستوى الطموحات . ويبقى أن نذكر أن الممثلة لينا أحمد التي أدت دور الخادمة قد تمكنت من أن تنال جائزة أفضل ممثلة في المهرجان كما تم ترشيح العمل للمنافسة على جائزة أفضل عرض . وعن نص للراحل محمد الماغوط بعنوان “المهرج” قدم المخرج الشاب غزوان قهوجي من خلال فرقة المسرح الشبيبي بدمشق مسرحية قائمة على مبدأ الفرجة التي لا تنحي المضمون جانباً، بل تستفيد من كل جزئياته لخدمة الهدف العام للعمل وهو الوصول إلى المشاهِد بأيسر السبل وأبسط الوسائل، ويمكن القول إن الجهد الإخراجي المبذول في رسم مشهدية العرض تمكّن من أن يقدم لمشاهديه لوحة فنية آسرة، تعيد مفهوم العرض المسرحي إلى سكته، هذا المفهوم الذي تعرّض في السنوات الفائتة إلى الكثير من الهزات إلى درجة أضحى معها متجرداً من أي مقياس وبعيداً عن الذائقة الفنية التي تنأى عن القبح وترنو باتجاه الجمال . تجلت رشاقة العمل في انتقاله حدثاً في الزمان والمكان دون تعقيدات، واتسم أداء الممثلين بالانسجام وروح فريق العمل الواحد، وهو الأمر الذي أدى –بالإضافة إلى إمكانيات فردية لا لبس فيها- إلى بروز الفنان عثمان أبو العمرين جبريل الذي حاز على جائزة أفضل ممثل في المهرجان، كما تمكن العمل وبجدارة من انتزاع جائزة أفضل عرض . فرقة المسرح الجامعي في الحسكة قدمت من جهتها العمل المسرحي “بقايا رجل.. ظل امرأة” إعداد وإخراج اسماعيل خلف عن نص مونودرامي للكاتب الراحل ممدوح عدوان بعنوان “حال الدنيا” . تركّز إعداد المخرج للنص بشكل أساسي على تحويله من عمل يقدم شخصية واحدة ويقدم الحدث من وجهة نظرها فقط إلى عمل يقدم شخصيتين تحاول كل واحدة منهما أن تطرح وجهة نظرها تجاه الحالة التي تفترضها المسرحية المعدّة وهي عودة شخصية الزوجة المتوفاة من خلال خيال زوجها الذي تكشف الحوارات المتتالية عن تورطّه غير المباشر في وفاتها عبر عدد من عمليات الإهمال المتعمّد لها وهي في ذروة مرضها . آخر عروض المسابقة فكانت مسرحية “أماديوس” لفرقة مديرية الثقافة في حماة تأليف بيتر شافر إخراج يوسف شموط . يتحدث العمل عن الموسيقي العالمي الشهير موزارت في صراعه لإثبات وجوده وموهبته، وهو صراع يفترضه النص المسرحي الذي لا يمكن أن يشكل وثيقة تاريخية بقدر ما يمكن أن يشكل وجهة نظر فكرية وفنية في الموضوع المطروق، وهي وجهة نظر منطقية –كما قدمها العرض- بل وأكثر من ذلك فهي يمكن أن تكون قابلة للتكرار في أكثر من زمان ومكان . كانت مهمة الممثلين صعبة ولا شك وهم يؤدون شخصيات بعيدة عنهم تماماً لا على الصعيد المكاني والزماني فحسب بل وعلى صعيد أسلوب التفكير وردات الفعل، وقد تميز من المجموعة الممثل علي علواني الذي نافس على جائزة أفضل ممثل . واختتم المهرجان بتكريم كوكبة من الفنانين والكتّاب المسرحيين، حيث قام الأستاذ محمد تركي السيد معاون وزير الثقافة بتكريم الأساتذة : د.حمدي موصللي، وليد عمر، محمد شيخ الزور، سمير إيشوع، محمد بري العواني، بالإضافة إلى الفنان نزار أبو حجر كإداري سابق في مديرية المسارح والمصور الفوتوغرافي في المديرية وصاحب الأرشيف الغني أنور أندراوس، كما تم توزيع جوائز المهرجان التي أعلنتها لجنة تحكيم تألفت من د.نبيل الحفار، د.محمد قارصلي، الفنانة جيانا عيد، الفنان أسامة السيد يوسف، جوان جان وكان مسك الختام مع مسرحية “سهرة مع أبي خليل القباني” تأليف سعد اللـه ونوس إخراج وليد عمر .مفقودات
الإثنين أبريل 01, 2013 8:40 am من طرف غزوان قهوجي
» غزوان قهوجي
الإثنين أبريل 01, 2013 8:36 am من طرف غزوان قهوجي
» مختبر فضا المسرحي
الأربعاء فبراير 13, 2013 8:44 am من طرف غزوان قهوجي
» مهرجان لمسرح الشباب العربي في بغداد
الجمعة نوفمبر 23, 2012 4:07 am من طرف غزوان قهوجي
» مهيمنات ( السلطة ) وتنويعاتها الإسلوبية في بعض عروض مهرجان بغداد لمسرح الشباب العربي
الجمعة نوفمبر 23, 2012 4:02 am من طرف غزوان قهوجي
» مقالة جميلة عن مولانا
الجمعة نوفمبر 23, 2012 3:50 am من طرف غزوان قهوجي
» خبر عن مشاركة الفرقة في مهرجان بغداد
الجمعة نوفمبر 23, 2012 3:39 am من طرف غزوان قهوجي
» أم سامي
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:10 pm من طرف همسة حب
» حدث في سوريا : دعوى قضائية شد الله !!!!!
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:06 pm من طرف همسة حب
» حكايا طريفة
الإثنين نوفمبر 12, 2012 7:01 pm من طرف همسة حب
» السر بشهر العسل
الإثنين نوفمبر 12, 2012 6:56 pm من طرف همسة حب
» عندما يتفلسف الحمار
الإثنين نوفمبر 12, 2012 6:53 pm من طرف همسة حب
» حكمة : كن نذلا تعيش ملكاً ........!!!
الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 2:44 am من طرف همسة حب
» فــوائـد الـزوجــة الـنـكـديــة
الإثنين نوفمبر 05, 2012 5:21 am من طرف همسة حب
» شو كان لازم يعمل ؟
الإثنين نوفمبر 05, 2012 5:18 am من طرف همسة حب